مركز المجدد للبحوث والدراسات
  • عن المركز

    • من نحن

    • الرؤية والأهداف

    • مجلس الإدارة

    • وحدات المركز

      • الوحدة السياسية

      • الوحدة الثقافية

      • وحدة المعلومات والتقنية

    • العاملون في المركز

    • تواصل معنا

  • دراسات سياسية

    • تقدير موقف

    • استطلاعات الرأي

    • مقالات رأي

    • تقارير

  • أبحاث ودراسات

    • دراسات وبحوث

    • مراجعات الكتب

    • ترجمات

  • فعاليات وندوات

    • ورش عمل

    • ندوات

  • وسائط

    • إنفوجرافيك

    • فيديوهات

    • أخبار

  • منصة المجدد للبحوث

  • المشاركة البحثية

    • أخلاقيات النشر

    • معايير النشر

  • عن المركز

    • من نحن

    • الرؤية والأهداف

    • مجلس الإدارة

    • وحدات المركز

      • الوحدة السياسية

      • الوحدة الثقافية

      • وحدة المعلومات والتقنية

    • العاملون في المركز

    • تواصل معنا

  • دراسات سياسية

    • تقدير موقف

    • استطلاعات الرأي

    • مقالات رأي

    • تقارير

  • أبحاث ودراسات

    • دراسات وبحوث

    • مراجعات الكتب

    • ترجمات

  • فعاليات وندوات

    • ورش عمل

    • ندوات

  • وسائط

    • إنفوجرافيك

    • فيديوهات

    • أخبار

  • منصة المجدد للبحوث

  • المشاركة البحثية

    • أخلاقيات النشر

    • معايير النشر

  • Twitter
  • Facebook
  • Instagram
  • Telegram Broadcast

سباق الذكاء الاصطناعي: إعادة تعريف ديناميكيات القوة العالمية

18/04/2025 | ترجمات

سباق الذكاء الاصطناعي: إعادة تعريف ديناميكيات القوة العالمية

سباق الذكاء الاصطناعي: إعادة تعريف ديناميكيات القوة العالمية
ترجمة: الدكتور إبراهيم كرثيو

العنوان الأصلي: AI Rivalries: Redefining Global Power Dynamics

المؤلف: Shamma Al Qutbah

الرابط: https://shorturl.at/JWEfc

شهدت طبيعة التنافس العالمي تحولًا عميقًا في القرن الحادي والعشرين. فبعد أن كانت الصراعات تتمحور حول النزاعات الإقليمية، والتحالفات العسكرية، والعقوبات الاقتصادية، أصبحت اليوم تدور في ميدان التكنولوجيا، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا ويبرز كقوة حاسمة. فإلى جانب تأثيراته الثورية في العديد من القطاعات، أصبح الذكاء الاصطناعي مؤشرًا جوهريًا للنفوذ والقوة، مما غيّر طبيعة التنافس العالمي. وأدى إدماجه في الأمن القومي، والسياسات الاقتصادية، وإدارة المجتمعات إلى تحويله إلى أداة استراتيجية لا يمكن لأي قوة عظمى أن تتجاهلها أو تقلل من شأنها.

في صميم هذا التحول تكمن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين. فبصفتهما القوتين العظميين الرئيستين في العالم، انخرطت كلتا الدولتين في سباق استراتيجي من أجل الهيمنة التكنولوجية، مما دشن مرحلة جديدة في ديناميكيات القوة العالمية. ومع اندفاعهما لقيادة مجال الذكاء الاصطناعي، تحول هذا المجال إلى ساحة معركة حاسمة ذات تداعيات واسعة النطاق تتجاوز التكنولوجيا، حيث تؤثر في الأمن، والحوكمة، وبنية العلاقات الدولية ذاتها.

لا يقتصر تأثير المنافسة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل العلاقات الثنائية فحسب، بل يعيد أيضًا تعريف ميزان القوى العالمي. فالسعي نحو التفوق في الذكاء الاصطناعي يسرّع من وتيرة التنافس الجيوسياسي، ويعيد رسم التحالفات، ويضع معايير جديدة للهيمنة التكنولوجية. ومع تزايد ارتباط تطوير الذكاء الاصطناعي بالأمن القومي والاستراتيجية الاقتصادية، فإن تأثيره يتجاوز هاتين القوتين العظميين ليشمل جميع الدول التي تجد نفسها مضطرة إلى التكيف مع مشهد عالمي سريع التغير وغامض المعالم. من هنا، تستكشف هذه الرؤية التداعيات العميقة لسباق الذكاء الاصطناعي، مسلطةً الضوء على دوره في إعادة تشكيل هياكل القوة العالمية وتحديد المسارات الجيوسياسية المستقبلية.

الذكاء الاصطناعي: الأصول الاستراتيجية القصوى وساحة المعركة الجديدة في الجيوسياسة

برز الذكاء الاصطناعي بوصفه الأصل الاستراتيجي الأهم في القرن الحادي والعشرين، إذ أحدث تحولًا جوهريًا في مشهد التنافسية العالمية، وأعاد تشكيل أسس ديناميكيات القوة. تاريخيًا، كانت ركائز القوة التي حددت نفوذ الدول وأجّجت التنافس الجيوسياسي تتمثل في القوة العسكرية، والهيمنة الاقتصادية، والتوسع الإقليمي. على مدى قرون، سعت الدول بكل إصرار إلى ترسيخ نفوذها، والتفوق على منافسيها، وفرض سيطرتها، دون أن تدخر جهدًا لتحقيق أقصى درجات الأمن والقوة. لكن اليوم، لم يعد هذا هو الحال. فمع بروز الذكاء الاصطناعي، أصبحت القدرات التكنولوجية في صميم الاستراتيجيات الوطنية للدول المتنافسة.

يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة حيوية ذات تأثير تحولي، إذ يمنح الدول القدرة ليس فقط على فرض هيمنتها على الساحة العالمية، بل أيضًا على تعزيز قدراتها العسكرية وتسريع نموها الاقتصادي. وربما يكون هذا هو ما يجعل الذكاء الاصطناعي الأصل الاستراتيجي الأسمى: قدرته على تحسين أنظمة الدفاع الوطنية، وتعزيز كفاءة العمليات الاقتصادية، والتأثير في صياغة السياسات العالمية. ويتجلى هذا بوضوح في المجال العسكري، حيث تمنح الدول التي تتفوق في سباق الذكاء الاصطناعي وتدمجه في أنظمتها الدفاعية نفسها ميزة استراتيجية في الأمن القومي، بدءًا من الحرب الذاتية التشغيل وصولًا إلى الدفاع السيبراني المتطور.

يقدم الصراع الروسي-الأوكراني مثالًا صارخًا على تأثير الذكاء الاصطناعي، حيث مكّنت التكنولوجيا المتقدمة التي وفرتها الدول الغربية لأوكرانيا من الصمود أمام خصمها الأكبر حجمًا، روسيا. ويثبت ذلك أن الحروب غير المتكافئة، التي تغذيها التقنيات المتطورة مثل الطائرات المسيرة والمركبات ذاتية القيادة، يمكنها أن تعدّل موازين القوى في النزاعات مع القوى الكبرى، مما يمنح الدول ميزات تنافسية في المجال العسكري. كما أن تأثير الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على ساحة المعركة فحسب، بل يمتد إلى الفضاء السيبراني، حيث يعمل بوصفه خط الدفاع الأول ضد الهجمات الإلكترونية المتزايدة. فهو قادر على تحديد هذه التهديدات، والتنبؤ بها، والقضاء عليها، مما يعزز استراتيجيات الدفاع للدول.

لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على الأمن القومي، بل يمتد إلى النمو الاقتصادي. فبحسب الدراسات، يُتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تعزيز اقتصاد الدول المتقدمة. فالدول التي تستغل إمكانات الذكاء الاصطناعي في معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات يمكنها أن تحدث ثورة في صناعاتها الوطنية، وتحسّن عملية صنع القرار على مستوى السياسات، وتحفّز الابتكار. وإلى جانب تحسين الأنظمة الاقتصادية الحالية، يتيح الذكاء الاصطناعي للدول إنشاء أسواق وصناعات جديدة بالكامل، مما يعزز مرونتها الاقتصادية ومكانتها التنافسية عالميًا. وهكذا، في عصر أصبحت فيه القوة الاقتصادية تنافس القوة العسكرية بوصفها مقياسًا للنفوذ الجيوسياسي، تحول الذكاء الاصطناعي إلى الركيزة الأساسية للاستراتيجيات الوطنية، وأصبح القوة الدافعة التي تُحول الدول إلى قادة نظام جيوسياسي جديد، مما يعيد تشكيل ميزان القوى بطرق لم يدركها العالم بعد.

مع ذلك، فإن هذه القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي تؤدي أيضًا إلى تصعيد المنافسة الجيوسياسية وتأجيجها. فمع إدراك الدول للإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تحقيق التفوق الاقتصادي، وتعزيز القوة العسكرية، والتأثير في المعايير العالمية، انخرطت في سباق محموم للتفوق على بعضها البعض وقيادة تطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته. وفي سعيها إلى الهيمنة، لا تعزز الدول قدراتها التقنية فحسب، بل تعيد أيضًا رسم هياكل القوة العالمية، مما يؤدي إلى إثارة الصراعات وبناء التحالفات التي ستحدد مستقبل العلاقات الدولية. وبينما يستمر سباق الذكاء الاصطناعي، فإنه يدفع التنافس الجيوسياسي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تتجاوز الرهانات حدود التكنولوجيا ذاتها.

التنافس بين الولايات المتحدة والصين: دراسة حالة في سباق الذكاء الاصطناعي

يُعد التنافس بين الولايات المتحدة والصين ربما أوضح مثال على كيفية تصاعد المنافسة العالمية بسبب الذكاء الاصطناعي، وكيف أنه أصبح ساحة معركة حاسمة في الجغرافيا السياسية العالمية. وإدراكًا منهما أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد ابتكار، بل ضرورة استراتيجية قادرة على إعادة تشكيل نفوذ الدول، وتعزيز قوتها العسكرية، وضمان هيمنتها الاقتصادية، دخلت كل من الصين والولايات المتحدة في سباق محموم للهيمنة على هذا المجال ودمجه في أنظمتهما المختلفة.[13] وقد خصصت الدولتان موارد هائلة لتطوير الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى منافسة تؤثر في العديد من القطاعات.

مع بروز الذكاء الاصطناعي كقوة تحولية في الاقتصاد العالمي، تسابق كل من الصين والولايات المتحدة للاستفادة من إمكاناته في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وإحداث ثورة في الصناعات، وترسيخ تفوق اقتصادي طويل الأمد. فقد جعلت الصين، على وجه الخصوص، الابتكار التكنولوجي جوهر طموحاتها الاقتصادية، وضاعفت جهودها في مجال الذكاء الاصطناعي مع اشتداد تنافسها مع الولايات المتحدة.[14] ففي عام 2017، أعلنت الحكومة الصينية، من خلال خطة تطوير الذكاء الاصطناعي للجيل القادم، أن الذكاء الاصطناعي سيكون حجر الأساس في استراتيجيتها للتحول الاقتصادي، وتهدف إلى جعله محفزًا رئيسيًا للتغيير الاقتصادي بحلول عام 2025، وصولًا إلى أن تصبح الصين الدولة الرائدة عالميًا في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، مما يمكنها من تحدي الولايات المتحدة وتجاوزها.[15]

ولتحقيق هذه الأهداف الطموحة، أحرزت الصين تقدمًا سريعًا واستثمرت مبالغ ضخمة في قدراتها في الذكاء الاصطناعي، حيث خصصت موارد هائلة للبحث والتطوير والبنية التحتية لدعم الصناعات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. وأولت الحكومة اهتمامًا خاصًا بقطاعات مثل التصنيع الذكي، والمركبات الذاتية القيادة، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا المالية، حيث تعتبرها محركات رئيسية للنمو الاقتصادي والنفوذ العالمي.[16] ومع هذه الطموحات والاستثمارات، تسعى الصين للبقاء في طليعة السباق العالمي ومنافسة خصمها على القيادة.

وفي مواجهة التقدم السريع للصين، كثفت الولايات المتحدة جهودها في دمج وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لحماية مكانتها الاقتصادية. وفي إطار قانون المبادرة الوطنية للذكاء الاصطناعي لعام 2020، ركزت الولايات المتحدة على تعزيز قدراتها في الذكاء الاصطناعي من خلال خمسة أهداف رئيسية: تعزيز الاستثمار في أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتحسين الموارد الفيدرالية للحوسبة والبيانات، ووضع المعايير التقنية، وبناء قوة عاملة قوية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون الدولي.[17] ومن خلال هذه الجهود، سعت الولايات المتحدة إلى الريادة في الابتكار في الذكاء الاصطناعي، وضمان هيمنتها في المجالات التكنولوجية والاقتصادية على حد سواء.

علاوة على ذلك، فرضت الولايات المتحدة قيودًا تجارية صارمة، وسياسات تحكم في الصادرات، ورسومًا جمركية على بكين بهدف عرقلة تقدمها في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا. وتهدف هذه التدابير إلى الحد من وصول الصين إلى التقنيات الحيوية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، لا سيما أشباه الموصلات المتقدمة اللازمة لتطويره.[18] كما فرضت الولايات المتحدة لوائح صارمة على تصدير الرقائق، وأدرجت عدة شركات صينية في قوائم سوداء بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، في محاولة منها لإضعاف التقدم التكنولوجي للصين وتعزيز تفوقها في هذا المجال.[19]

لكن على الرغم من هذه الجهود، لا تزال الصين تقترب من الولايات المتحدة في مجال تصنيع أشباه الموصلات. فقد أظهرت البلاد ابتكارًا سريعًا في هذا المجال، وعملت على إعادة برمجة وتصنيع الرقائق لتعزيز أدائها، مما يهدد فعالية العقوبات التي فرضها الغرب. وقد تجلى ذلك في الاختراق التكنولوجي الأخير للصين عبر نموذجها اللغوي الكبير (LLM) DeepSeek، الذي تم إطلاقه في 20 يناير. فاجأت هذه الشركة الناشئة الصينية العديد من المراقبين بأدائها وتكلفتها المنخفضة، حيث تفوقت على نماذج لشركات أمريكية بارزة مثل OpenAI وMeta، على الرغم من كونها أصغر حجمًا وأكثر كفاءة وأقل تكلفة في التدريب والتشغيل. وقد أحدث هذا إنجاز صدمة في الأسواق، مما أظهر قدرة الصين على التفوق على منافسيها، حتى في ظل القيود الأمريكية المفروضة عليها.[20]

يسلط هذا الاستخدام الاستراتيجي للحواجز الاقتصادية والتكنولوجية الضوء على المنافسة المتصاعدة بين القوتين، حيث تسعى كل دولة إلى الهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي وقيادته.

الذكاء الاصطناعي: نقطة توتر عسكري بين الولايات المتحدة والصين

أدى إمكانات الذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في الاستراتيجيات العسكرية وتعزيز الأنظمة الدفاعية إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، حيث ترى كل منهما أن الذكاء الاصطناعي عنصر أساسي في تعزيز قدراتها العسكرية وضمان تفوقها في ميزان القوى العالمي. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، سعت إلى الحفاظ على تفوقها التكنولوجي في الحروب الحديثة وتجاوز القدرات العسكرية للصين، وعززت جهودها في دمج الذكاء الاصطناعي في نظامها الدفاعي. وفي إطار قانون تفويض الدفاع الوطني، خصصت الولايات المتحدة نحو 717 مليار دولار للإنفاق العسكري، حيث تم توجيه جزء كبير من هذا الميزانية إلى البحث والتطوير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المركبات الذاتية التشغيل للدعم اللوجستي، والطائرات المسيّرة للمراقبة والعمليات التكتيكية، والروبوتات اللوجستية والقتالية.[21][22] ومن خلال دمج الذكاء الاصطناعي في هذه التقنيات، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز موقعها الاستراتيجي والحفاظ على ريادتها التكنولوجية في ظل المنافسة العالمية، وخاصة مع الصين.

وفي المقابل، تبنت الصين نهجًا مماثلًا ولكن أكثر عدوانية من الولايات المتحدة، لا سيما في تعزيز قدراتها البحرية. فاتباعًا لنهج خصمها، ركزت الصين بشكل مكثف على تطوير واستثمار أنظمة ذاتية التشغيل تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل الطائرات المسيّرة المتقدمة للمراقبة والعمليات القتالية، ومنصات الروبوتات لتعزيز العمليات العسكرية واتخاذ القرارات في ساحة المعركة.[23] ويقدر المحللون أن الإنفاق العسكري السنوي للصين على الذكاء الاصطناعي يصل إلى مليارات الدولارات، وهو مستوى تمويل يقارب جهود وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).[24] ومع ذلك، ذهبت الصين خطوة أبعد من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها البحرية في بحر الصين الجنوبي، حيث تستخدم الغواصات الذاتية التشغيل، والألغام الذكية، والطائرات المسيّرة للمراقبة لرصد وربما مواجهة التحركات العسكرية الأجنبية.[25] ومع هذه الاستثمارات، تعيد الصين تشكيل نهجها في الحروب الحديثة، وتؤكد نفوذها الاستراتيجي ضد أكبر خصومها، الولايات المتحدة.

يبرز هذا التنافس الشرس بين الولايات المتحدة والصين كمحدد رئيسي لمستقبل ميزان القوى العالمي، ومن المتوقع أن يحدد ملامح العلاقات الدولية في السنوات المقبلة.

التأثير العالمي: كيف يعيد التنافس بين الولايات المتحدة والصين تشكيل النظام العالمي

لا يقتصر التنافس المتصاعد والتوتر بين الولايات المتحدة والصين على كونه صراعًا ثنائيًا، بل يمثل قوة تحولية حاسمة تُعيد تشكيل النظام العالمي على مستويات متعددة، من الجغرافيا السياسية إلى التكنولوجيا، حيث تتجاوز تداعيات هذا الصراع القوتين العظميين وتمتد إلى بقية العالم.

إحدى أبرز نتائج هذا التنافس هي حالة التجزؤ أو الاستقطاب العالمي، والتي تعيد تشكيل نسيج العلاقات الدولية بين الدول. فمع احتدام الصراع بين الصين والولايات المتحدة، تجد العديد من الدول الأصغر نفسها عالقة في المنتصف، مضطرة إلى التنقل بين تحديات معقدة للحفاظ على توازن علاقاتها مع القوتين.[26] في الواقع، يجد العديد منها نفسه مضطرًا إلى الانحياز إلى أحد الطرفين، مدفوعًا باعتبارات الاعتماد الاقتصادي، والتطلعات التكنولوجية، أو الاحتياجات الاستراتيجية. وقد أدى هذا التوجه إلى تجزئة النظام العالمي للذكاء الاصطناعي، حيث تتجه الدول نحو مجالات نفوذ متباينة.[27] وهذا يدل على أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد ساحة معركة تكنولوجية، بل هو أيضًا أداة لإعادة تشكيل النظام العالمي وإعادة تعريف ديناميكيات التعاون والتنافس على الساحة الدولية.

لكن التنافس بين الولايات المتحدة والصين لا يقتصر على التحالفات التقليدية فحسب، بل يمتد إلى سباق عالمي من أجل التفوق التكنولوجي. فسباق الذكاء الاصطناعي ليس حكرًا على الولايات المتحدة والصين وحدهما، إذ أدركت العديد من الدول الأخرى الإمكانات الهائلة التي يحملها الذكاء الاصطناعي، وبدأت في اتخاذ خطوات استراتيجية لتعزيز سيادتها عبر الاستثمار في هذا المجال.[28] فقد برزت دول مثل المملكة المتحدة، وكندا، وفرنسا، وسنغافورة، والهند، وكوريا الجنوبية، وإسرائيل كمساهمين رئيسيين في سباق الذكاء الاصطناعي. كما طمحت روسيا أيضًا إلى الريادة في الذكاء الاصطناعي وسعت إلى استخدامه للتأثير في العمليات في الغرب، إلا أن الصراع في أوكرانيا والعقوبات الأمريكية أعاقا تقدمها في المبادرات المتقدمة. وهكذا، وعلى الرغم من سيطرة الصين والولايات المتحدة على تصنيفات القوة في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن دولًا أخرى تطمح إلى المنافسة وتضع استراتيجيات لتقليص الفجوة.[29] ويبرز ذلك كيف أن الذكاء الاصطناعي والتنافس بين القوتين العظميين يعيدان تشكيل هيكل القوة العالمية، ويدفعان الدول الأصغر إلى اتخاذ قرارات استراتيجية من شأنها أن تؤثر على مستقبل العلاقات الدولية.

إضافة إلى ذلك، فإن السباق المستمر بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي قد تطور إلى نقطة تصدع رئيسية تهدد الاستقرار والأمن العالميين. فمع سعي كل من الدولتين للتفوق على الأخرى من خلال تطوير أسلحة متقدمة قائمة على الذكاء الاصطناعي ودمجها بشكل كبير في الأنظمة الدفاعية ضمن استراتيجياتهما العسكرية، أصبح هناك خطر حقيقي يهدد الأمن والاستقرار العالمي.[30] وذلك لأن التنافس على هذه التقنيات قد يؤدي إلى سوء التقدير والتصعيد غير المقصود، مما قد يتطور إلى نزاع فعلي. ويرجع ذلك إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في السياقات العسكرية قد ينتج عنه عواقب غير متوقعة وسوء تفسير للقرارات، مما يزيد من خطر نشوب صراعات. وقد تمتد آثار أي تصعيد على مستوى العالم، مسببة أضرارًا كارثية ليس فقط على القوتين المتنافستين، بل أيضًا على المجتمع الدولي ككل.

الخاتمة: دروس مستفادة من التنافس بين الولايات المتحدة والصين

يبرز التنافس بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي التأثير العميق للتكنولوجيا في إعادة تشكيل موازين القوى العالمية. فمع احتدام السباق بين القوتين العظميين للهيمنة على هذا المجال، لم يعد الأمر يقتصر على مجرد تطوير تقنيات أكثر تقدمًا، بل امتد إلى إعادة تعريف الاستراتيجيات الجيوسياسية، وإعادة صياغة قواعد التنافس الاقتصادي، وإحداث تحولات جذرية في الأمن العالمي. ويؤكد هذا الواقع أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة للابتكار، بل أصبح محركًا رئيسيًا لصياغة مستقبل العلاقات الدولية.

إن الدروس المستفادة من هذا التنافس تدفعنا إلى إعادة تقييم نهج الابتكار في القرن الحادي والعشرين. فبينما يرتكز سباق الذكاء الاصطناعي حاليًا على التفوق التكنولوجي والهيمنة الاقتصادية، فإن الرؤية بعيدة المدى يجب أن تتجاوز ذلك نحو إطار عالمي أكثر شمولية. فالريادة في مجال الذكاء الاصطناعي لا تعتمد فقط على تطوير تقنيات متقدمة، بل تتطلب وضع أطر حوكمة دولية تضمن تحقيق توازن القوى، وتعزيز التعاون بين الدول، والحد من المخاطر غير المتوقعة لهذه التقنيات. إن غياب هذا الإطار قد يؤدي إلى تصعيد النزاعات التكنولوجية، وزيادة حالة الاستقطاب العالمي، بل وربما يفتح المجال أمام سباقات تسلح رقمية تهدد الاستقرار الدولي.

إن القرارات التي يتم اتخاذها اليوم فيما يتعلق بتطوير الذكاء الاصطناعي وتوظيفه سيكون لها أثر بالغ في تحديد ما إذا كان سيصبح محركًا للتنمية والتقدم العالمي أو أداة لتعزيز الانقسامات والنزاعات. لذا، تقع مسؤولية توجيه هذه القوة التحويلية على عاتق المجتمع الدولي، حيث ينبغي وضع آليات تنظيمية وأطر تعاون دولية لضمان أن تخدم هذه التكنولوجيا الصالح العام للبشرية جمعاء، بدلاً من أن تكون أداة للهيمنة أو التفوق الأحادي.

في النهاية، يظل الذكاء الاصطناعي أداة ذات إمكانات غير مسبوقة، قادرة على إعادة تشكيل الاقتصاد، وتطوير أنظمة الحوكمة، وتعزيز الأمن العالمي. ولكن مصيره يعتمد على كيفية تعامل الدول معه: هل سيظل ساحة للصراع والتنافس، أم أنه سيتحول إلى منصة للتعاون والازدهار المشترك؟ إن الإجابة عن هذا السؤال ستحدد معالم القرن الحادي والعشرين، وسترسم ملامح النظام العالمي لعقود قادمة.

قائمة المراجع:

[1] Acheampong, Richmond, “AI’s Global Impact: Reshaping Power, Security and Economics,” Modern Ghana, January 9, 2025, https://www.modernghana.com/news/1370469/ais-global-impact-reshaping-power-security.html.

[2] Cohen, Jared and George Lee, “The Generative World Order: AI, Geopolitics, and Power,” Goldman Sachs, December 14, 2023, https://www.goldmansachs.com/insights/articles/the-generative-world-order-ai-geopolitics-and-power.

[3] Sherman, Justin, “Why U.S.-China AI Competition Matters.” JSTOR, 2019. https://www.jstor.org/stable/resrep19970.6.

[4] Marr, Bernard, “The Geopolitics of AI,” Forbes, September 19, 2024,

https://www.forbes.com/sites/bernardmarr/2024/09/18/the-geopolitics-of-ai/.

[5] Ibid.

[6] Shuichi, Kurumada, “War in Ukraine Highlights Importance of Cutting-Edge Technology in Conflict,” Institute of Geoeconomics, December 12, 2022, https://instituteofgeoeconomics.org/en/research/2023010543032/.

[7] Marr, Bernard, “The Geopolitics of AI.”

[8] Sherman, Justin, “Why U.S.-China AI Competition Matters.”

[9] Szczepański , Marcin, “Economic Impacts of Artificial Intelligence (AI),” European Parliament, 2019, https://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/BRIE/2019/637967/EPRS_BRI(2019)637967_EN.pdf.

[10] Ibid.

[11]Esposito, Mark, “Around the Globe, Governments Lean into AI,” The Atlantic, https://www.theatlantic.com/sponsored/google/governments-ai/3969/., Accessed January 31, 2025.

[12] “The Geopolitics of Generative AI,” Brookings, July 19, 2023, https://www.brookings.edu/events/the-geopolitics-of-generative-ai/.

[13] Hine, Emmie, “US–China AI Competition at the Crossroads between Dialogue and Decoupling,” East Asia Forum, September 14, 2024, https://eastasiaforum.org/2024/09/14/us-china-ai-competition-at-the-crossroads-between-dialogue-and-decoupling/.

[14] “Technology and Consumer Product Opportunities and Risks: U.S.-China Emerging Tech Competition,” USCC, 2024, https://www.uscc.gov/sites/default/files/2024-11/Chapter_3–U.S.-China_Competition_in_Emerging_Technologies.pdf.

[15] Zhu, Samantha, “Transforming Industries with AI: Lessons from China’s Journey,” World Economic Forum, January 23, 2025, https://www.weforum.org/stories/2025/01/transforming-industries-with-ai-lessons-from-china/.

[16] “Technology and Consumer Product Opportunities and Risks: U.S.-China Emerging Tech Competition,” USCC, 2024, https://www.uscc.gov/sites/default/files/2024-11/Chapter_3–U.S.-China_Competition_in_Emerging_Technologies.pdf.

[17] The White House, “Artificial Intelligence for the American People,” Trumpwhitehouse.archives.gov, https://trumpwhitehouse.archives.gov/ai/executive-order-ai/.

[18] Dohmen, Hanna, “Assessing China’s AI Development and Forecasting Its Future Tech Priorities,” Atlantic Council, September 18, 2024, https://www.atlanticcouncil.org/content-series/strategic-insights-memos/assessing-chinas-ai-development-and-forecasting-its-future-tech-priorities/.

[19] Lin, Liza and Asa Fitch, “U.S. Further Tightens Chip Restrictions, Adds Chinese Firms to Blacklist,” The Wall Street Journal, January 15, 2025, https://www.wsj.com/politics/national-security/u-s-further-tightens-chip-restrictions-adds-chinese-firms-to-blacklist-d7fff3a8.

[20] Choudhury, Prithwiraj (Raj) , Natarajan Balasubramanian, and Mingtao Xu, “Why DeepSeek Shouldn’t Have Been a Surprise,” Harvard Business Review, January 30, 2025, https://hbr.org/2025/01/why-deepseek-shouldnt-have-been-a-surprise.

[21] Abadicio, Millicent, “Artificial Intelligence in the US Army – Current Initiatives,” Emerj, May 28, 2019, https://emerj.com/artificial-intelligence-in-the-us-army/.

[22] “AI at War: The Next Revolution for Military and Defense,” Capitol Technology University, August 4, 2023, https://www.captechu.edu/blog/ai-war-next-revolution-military-and-defense.

[23] Yuan, Shaoyu, “China Leans into Using AI − Even as the US Leads in Developing It,” The Conversation, August 21, 2024, https://theconversation.com/china-leans-into-using-ai-even-as-the-us-leads-in-developing-it-236557.

[24] Harper, Jon, “China Matching Pentagon Spending on AI,” National Defense, January 6, 2022, https://www.nationaldefensemagazine.org/articles/2022/1/6/china-matching-pentagon-spending-on-ai.

[25] Yuan, Shaoyu, “China Leans into Using AI − Even as the US Leads in Developing It,” The Conversation, August 21, 2024, https://theconversation.com/china-leans-into-using-ai-even-as-the-us-leads-in-developing-it-236557.

[26] Borish, David, “The Geopolitics of AI: Navigating the US-China Rivalry in the Age of Intelligent Machines,” Linkedin.com, April 22, 2024, https://www.linkedin.com/pulse/geopolitics-ai-navigating-us-china-rivalry-age-machines-david-borish-hrtpc.

[27] Ibid.

[28] Buccino, Sara, “The Global AI Race: Unveiling the Competition for Technological Superiority and Unraveling the Latest Developments,” Tango Project, June 12, 2023, https://tango-project.eu/articles/global-ai-race-unveiling-competition-technological-superiority-and-unraveling-latest#_ftn1.

[29] “Geopolitics of Artificial Intelligence,” Lazard, 2023, https://www.lazard.com/research-insights/the-geopolitics-of-artificial-intelligence/.

[30] Graylin, Alvin Wang, and Paul Triolo, “There Can Be No Winners in a US-China AI Arms Race,” MIT Technology Review, January 21, 2025, https://www.technologyreview.com/2025/01/21/1110269/there-can-be-no-winners-in-a-us-china-ai-arms-race/.

 

Love0 Share Tweet Share

مركز المجدد

شارك بتعليقك إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عن المركز

مركز المجدد ‎للبحوث والدراسات مركز بحثي يُعنى بقضايا الفكر والواقع، ويرفد الساحة الثقافية العربيّة بمعالجات بحثيّة رصينة لتجديد النظر التاريخي والسياسي والاجتماعي والديني، بما يخدم قضيّة «التجديد» المنشود.

بيانات الاتصال بنا


info@center.com


+90°°°°°°°°°°°°°


اسطنبول/ تركيا

تابعنا

  • Twitter
  • Facebook
  • Instagram
  • Telegram Broadcast
  • Twitter
  • Facebook
  • Instagram
  • Telegram Broadcast
© 2025 مركز المجدد للبحوث والدراسات
  • تويتر
  • فيسبوك
  • بنترست