Egemenliğin Yeni Görünümü: Sosyal Medya
ترجمة إبراهيم كرثيو
مركز المجدد للبحوث والدراسات
في عصر العولمة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بلا شك واحدة من أهم أدوات اختراق سيادة الدول. على مدار العشرين سنة الماضية، توسعت أدوات التواصل الاجتماعي وتنوعت بشكل سريع مسايرة تطور الدول، كشفت العديد من الدراسات أن منصات التواصل الاجتماعي تعتبر مجالاً غير محدود لحرية الأفراد الذين يجدون الأخبار والمعلومات الواردة من خلال هذه المنصة أكثر موثوقية. لم تتم مناقشة تأثير الثقة على العاملين في مجال الإعلام غير المنتسبين إلى مؤسسات تعتمد على أموال معينة. وسائل التواصل الاجتماعي، التي كانت على جدول أعمالنا عدة مرات، خاصة من خلال صوت الأفراد، وبحثهم عن الحقوق والعدالة، جعلت التأثير يبدو خطيرًا. لكن التطورات الأخيرة أظهرت أن حدود حقوق وحريات الأفراد في هذه التجمعات تخضع للأغراض المالية و / أو الشخصية لأصحاب الشركة. إدراك أن وسائل التواصل الاجتماعي، التي كان يُنظر إليها على أنها بديل أكثر موثوقية واستقلالية وأهمية لتحديد أولويات الحكم من خلال الصحافة والاتصالات، والتي قدمت نفسها كمتحدث رئيسي مهم للعدالة والديمقراطية، يمكن أن تقيد المحتوى المحلي وتتلاعب بالمعلومات الدولية.
في حين أن المزاعم بأن فيسبوك أثرت في الانتخابات الأمريكية لسنة 2016 بالاستخدام غير القانوني للبيانات الشخصية لما يقرب من 50 مليون مستخدم لا تزال موضوع جدل للساعة، فإن رفض ترامب قبول نتائج صناديق الاقتراع والأحداث التي تلت ذلك كانت موضوع نقاش في العالم باسره. أصبحت أعمال العنف على مبنى الكونغرس موضوع مشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل العديد من الأشخاص والدول على المستوى الرسمي. وصفت دول كثيرة مثل إنجلترا وألمانيا وفرنسا التطورات بأن هذه الأعمال معادية للديمقراطية.
في مواجهة هذه السلوكيات المعادية للديمقراطية قامت العديد من الدول بتقييمات والإدلاء ببيانات تنديد؛ كما قامت شركة تويتر وإنستغرام وفيسبوك، من خلال إجراء تقييم قانوني بمقاييسهم الخاصة، بفرض عقوبات تنفيذية على أفراد يتمتعون بسلطة لا تمتلكها الدول ذات السيادة. بالنظر إلى عدم فرض أي عقوبة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد السيسي، الذي انتهك صراحة الديمقراطية وألغى المؤسسات الديمقراطية وهدد حق عشرات الأشخاص في الحياة، فمن الواضح أن منصات التواصل الاجتماعي لا توفر آلية منهجية في تقييماتها، وأن مصالح الشركات وعلاقات القوة تؤخذ كأساس. تتجاوز الرقابة والقيود المفروضة على ترامب ما إذا كان محتوى النقاش حول الحرية والمنشورات قانونيا أم لا. تعطي التطورات انطباعا بأن إدارات وسائل التواصل الاجتماعي تتصرف فقط وفقا لتصوراتها الشخصية للمخاطر في مساحات المعيشة الخاصة بها.
ليس من الواضح ما هي الإجراءات التي ستتخذها وسائل التواصل الاجتماعي في التطورات المستقبلية. الموقف الذي ستتخذه شركات التواصل الاجتماعي وفقًا لتعريفاتها الخاصة للديمقراطية والقانون يمثل علامة استفهام خطيرة للغاية لمستقبلنا. لفترة طويلة، كانت الدول ذات السيادة مقيدة بفصل السلطات ووجود آليات توازن بين هذه السلطات؛ حققت الحقوق الفردية ضد الحكم المطلق مكاسب كبيرة. ونتيجة لكل هذه الإنجازات، تم وضع قوانين وقرارات وصلاحيات قضائية وسلطات قضائية عليا. بالإضافة إلى حقيقة أن منصات التواصل الاجتماعي المرشحة لتصبح القوى المهيمنة اليوم تفتقر إلى كل هذه الآليات، فإن عدم وجود أي قرارات مبدئية لتنظيم هذه المنصات في المجتمع الدولي هو أحد أهم القضايا التي يجب التأكيد عليها في عصرنا الحالي. تعتبر مواقف هذه الشركات – التي تعتبر فوق سلطة الدولة -ومناصبها الإدارية والتوجيهية من بين القضايا التي تمت مناقشتها في سياق السياسة ومستقبل العالم لسنوات طويلة. بالنظر إلى أن تطبيقات الوسائط الاجتماعية تابعة لشركات هادفة للربح، فليس من المستغرب أن تنتقل هذه المناقشات قريبًا إلى المستوى أكثر حدةً. شركة Facebook المعروفة ببيع البيانات الشخصية لمستخدميها لأطراف ثالثة وتأثير ذلك على الانتخابات الأمريكية، تلزم مستخدمي تطبيق المراسلة الفورية WhatsApp بالسماح بمشاركة بياناتهم الشخصية مع أطراف ثالثة. كانت حقيقة معروفة أن WhatsApp الذي لم يكن لديه أي خطة للاستدامة المالية، قد خسر وتضرر كثيراً. سوف يُعتقد أن Whatsapp الذي يستخدمه عدد كبير من المستخدمين ويدمنون على استخدامه، أنه لا يستطيع المنافسة والاستمرار اعتبارًا من اللحظة التي وصل إليها، لذلك يتوقع منا الموافقة على بيع بياناتنا الشخصية. وهذا الوضع لا يمكننا اعتباره موافقة من تلقاء أنفسنا، بل هو إكراه وجبر على فعل ذلك. بالطبع يمكن الحديث عن حرية شركة خاصة في تحديد شروط الاستخدام كما تشاء. ومع ذلك، كما أوضحنا أعلاه، فإن منصات التواصل الاجتماعي لها نشاط يتجاوز الشركات الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، فإن النقطة الأكثر لفتًا للإنتباه هنا هي أن الظروف ليست هي نفسها في جميع المجتمعات والمعايير تطبق بشكل مزدوج. في حين أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فرضت على WhatsApp عدم مشاركة بيانات مستخدميها مع الشركات والجهات خارج المجموعة الأوروبية، وفي مقابل ذلك نجد أن استخدام التطبيق يتطلب مشاركة البيانات في كل البلدان بما فيها بلدان الشرق الأوسط. تعتبر حساسية الاتحاد الأوروبي للبيانات الشخصية مهمة في هذا القرار. لدى الاتحاد الأوروبي تشريعات مفصلة بشأن معالجة البيانات الشخصية ونقلها وتخزينها وإتلافها ولا يتبع سياسة متساهلة في هذا الأمر. هناك لوائح مماثلة في نطاق هيئة حماية البيانات الشخصية في تركيا، لكن هذه الحساسية لتركيا تحتاج أيضًا إلى دعم من المواطنين. لأنه إذا كان يعتقد أنه إذا امتنع أي مستخدم من استخدام تطبيق Whatsapp، فإن الشركة سوف تراجع حساباتها ولن تقوم بمثل هذا التمييز. يجب على جميع دول العالم اتخاذ قرارات بشأن مشاركة البيانات دون اخذ الموافقة من مواطنيها.ليس هناك شك في أن المعالجة والاستخدام المكثف للبيانات العادية للمواطنين من قبل الشركات العالمية سيهدد بشكل خطير الأمن القومي للدول، ومن غير المقبول أن يستسلم المواطنون لمنصات التواصل الاجتماعي العملاقة انحيازاً لمصالحهم وعاداتهم التافهة.
إن تقديم هيمنة الدولة في كونها منتهكة للحريات بالمعنى المطلق يدفع بوسائل التواصل الاجتماعي لتأسيس تصور نحو استقلال الذاتي دون قيد أو شرط. على سبيل المثال، بينما كانت تركيا تسن قانوناً لتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، رأى المستخدمون أن سن مثل هذا القانون من شأنه أن يحد من حرياتهم التي طالما شعروا بها في هذا العالم الافتراضي. بالتالي يرى أغلب المستخدمين أنه من غير اللائق أن تقوم الدولة التي يخضعون ويلتزمون بدستورها بتنظيم هذه المجال. رغم ذلك يرى أن التعبير عن هذه التظلمات لا يتم في شكل صوت واحد ومتساوي في الاعتراض عن هذه العقبات المستمرة. الأفراد الذين لديهم دوافع لحماية حقوقهم ويناهضون الإجراءات التي تتخذها الدولة، قد يمنحون هذه الشركات التي تدير عاداتهم اليومية مرونة أكثر من اللازم. على الرغم من أن العديد من القوى السيادية حول العالم وضعت لوائح وقوانين مماثلة في بلدانها لتنظيم هذه الفضاءات، إلا أن هذه القوى فسرت الإجراءات المتخذة في تركيا على أنها تقييد لحرية الإنترنت. يعد أمن البيانات مشكلة خطيرة ويجب مناقشتها بشكل مستقل عن السياسة الداخلية والخارجية. ومن أجل جعل اللوائح مفهومة ومستوعبة بشكل صحيح من قبل المواطنين، وجب إجراء دراساتٍ وفتح المناقشات وإنشاء أرضية للإجماع.
ومع ذلك، فإن ما يجب التأكيد عليه هنا هو ضرورة اتخاذ الموقف الصحيح تجاه الاحتكار وقوة الجهات الفاعلة الجديدة المتمثلة في التلاعب بالمعلومات وانخفاض سقف الحريات في إطار حقوق وحرية الإنسان. إن الاضطرار إلى النظر بعيون الآخرين، الذين لا يمكن فهم أهدافهم وغاياتهم، هو نوع جديد من اغتصاب الحقوق، وهو أمر مؤلم للغاية من منظور الكرامة الإنسانية. يقلل هذا الموقف من المشاركة مع المؤسسات الحقيقية، ويضعف قدرات المجتمع على حل المشكلات، ويخلق أشخاصًا يعتمدون على الشركات. لا ينبغي أن ننسى أن هذا الجو الضبابي الذي يخلق نوعًا من الفوضى التي تحدد فهمهم وسلوكهم، لن يجعل من الممكن تسليم الحقوق لأصحابها، ولكن قد يكون أيضاً مكانًا جديداً للظلم.
نتيجة لذلك، يجب مناقشة حظر الوصول المفروض على ترامب والتغيير في شروط استخدام Whatsapp من منظور واسع. وينبغي للدول إبلاغ مواطنيها بمخاطر استخدام البيانات الشخصية بكميات كبيرة، لا سيما من خلال المعالجة، وأن ترصد هذه العملية عن كثب. إنها مسألة فضول حول كيفية حل هذه المشكلة، والتي من المحتمل أن تكون واحدة من أكبر مشاكل المستقبل. في حين أنه قد يكون من المناسب الحد من الحسابات التي تحتاج إلى تعليق والمشاركات التي يجب حذفها إلى قضايا معينة وتركها للسلطات القضائية في الدول، فمن المحتمل أيضا أن تواجه وسائل التواصل الاجتماعي الآلاف من الحالات التي تتطلب اتخاذ إجراءات أسرع. يمكن أن تقدم منصات وسائل التواصل الاجتماعي حلاً لاتخاذ قرارات سياسية بشأن هذه القضايا تحت سقف دولي والالتزام بالامتثال لهذه المبادئ. إذا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي صانع القرار، فسيكون من الضروري التحدث عن نظام قانوني جديد وسيادة جديدة.