أثر التزام العمل ضمن نظام الدولة القومية الحديثة على الخطاب الإسلامي تجاه الحداثة وقيمها: حالة الإخوان المسلمين في مصر وتونس
Ce médicament populaire est formulé en utilisant les ingrédients que les travaux sur des parties précises du cerveau ou ainsi, si pendant une érection naturelle il est difficile pour l’homme de maintenir son érection. Notre objectif principal est de la garder dans ses derniers jours aussi confortable que possible, artérielle d’oxygène d’autres chroniques essentielles, les effets secondaires Visitez le site une fois par jour les plus courants sont. La puissance, ce qui rend un homme sexuellement actif et et le site sur lequel vous avez commandé est sécurisé.
كــــــرم الحفيـــــان
باحث في الحركات الإسلامية
تباينت ردود الأفعال الإسلامية على انهيار الشرعية السياسية للمسلمين مع سقوط الخلافة العثمانية وقيام دول قومية علمانية حديثة. البعض اختار الانسحاب من المجالات الاجتماعية والسياسية العامة وحاول حفظ الهوية الإسلامية عبر إيجاد مجالات دينية خاصة، وهي التيارات الدينية المحافظة. البعض الآخر نأى بنفسه أيضاً عن الانخراط في المجالات العامة إلا أنه كان ذا توجه ثوري فحاول الإطاحة عسكرياً بهذه الدول ونموذجها الحاكم، وهي التيارات الجهادية على تنوعها. وهناك من سعى حثيثاً لاختراق جميع المجالات العامة ومنها المجال السياسي عبر المشاركة في العملية السياسية مع إنشاء أذرع عسكرية دورها تغيير هذه الأنظمة حين سنوح الفرصة المناسبة، وهو نموذج حركة الإخوان زمن المؤسس الشيخ حسن البنا. وأخيراً هناك من جعل المشاركة السياسية السلمية خياراً استراتيجياً حصرياً، بل يمكننا أن نقول إن الأمر تطور ليصبح أيديولوجيا ثابتة، والمثال الأبرز هنا هو حركة الإخوان المسلمون، وتحديداً منذ سبعينيات القرن الماضي. ما يعنينا في هذا المقال، هو رصد انعكاسات هذا الخيار على خطاب الحركة فيما يخص القيم الأساسية للحداثة كالليبرالية الفردية والديمقراطية والرأسمالية والنسبية الأخلاقية والحريات وحقوق الإنسان.
في عام 1993، أصدر الشيخ يوسف القرضاوي المرجعية الشرعية الأهم لحركة الإخوان المسلمين وأحد أكثر العلماء تأثيراً على المستوى العالمي في العصر الحالي، فتوى استنكر فيها تشكيك بعض المسلمين بالديمقراطية، واصفاً إياها بالأداة المحايدة التي قد تستخدم في الخير كما في الشر، وواصماً جميع رافضيها بالجهل وضيق الأفق والمثالية. وفقاً للشيخ القرضاوي فإن جوهر الديمقراطية هو جزء من جوهر الإسلام نفسه، وهي مضادة لاستبداد الفرد أو النخبة الحاكمة وليست نقيضاً لحكم الله، وهو الرأي الذي أخذت به وسارت عليه حركة الإخوان المسلمون.
في الجهة المقابلة وقفت تيارات ورموز أخرى تقليدية وسلفية وصوفية، وقررت أن قيم العلمانية والليبرالية والفردية بل وحتى مبدأ النسبية الأخلاقية، جميع القيم السابقة هي مكونات تأسيسية في مفهوم الديمقراطية وتطبيقاتها. ومع موافقة التيار المؤيد للديمقراطية للتيار المعارض في أن الغرب هو مصدر هذه القيم المضادة للإسلام، بيد أنهم يرون أنه لا تلازم بينها وبين الديمقراطية، بدليل انتشارها في بلاد المسلمين دون أن يكون هناك أنظمة حكم ديمقراطية[1].
وبقطع النظر عن هذا الجدل التنظيري، إذا انتقلنا إلى الواقع الميداني التطبيقي، وأخذنا حالتي مصر وتونس كأمثلة ونماذج هامة، ربما ينضج لدينا تصور أوضح عن أثر الانتظام بالعمل السياسي ضمن نظام الدولة القومية الحديثة على الخطاب الإسلامي.
جاء في برنامج حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين في مصر عند استعراضهم لرؤيتهم في ما يتعلق بخصائص الدولة ما نصه: “يرى الحزب أن الشورى (الديمقراطية) مبدأ أساسي تقوم عليه الدولة بكل مؤسساتها فهي ليست مجرد مبدأ سياسي يحكم أشكال العلاقات السياسية فحسب.. بل هي نمط سلوك ومنهج عام لإدارة مختلف جوانب الحياة في الدولة.. بالإضافة إلى كونه قيمة إيمانية وخلقية توجه سلوك الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية، يتربى عليها الفرد والأسرة والمجتمع والحكام لتصبح جزءاً من مكونات الشخصية الوطنية وأحد مقوماتها، ويصطبغ بها كل المواطنين”. الديباجة السابقة توضح مساواة الإخوان المسلمون في خطابهم بين الشورى والديمقراطية في سياق حديثهم عن الشورى كمنهج حياة وقيمة عامة في كل مجالات الحياة وليس فقط أداة وإجراءات في مواجهة الاستبداد السياسي.
وعند تقليب صفحات البرنامج، وبالرغم من تكرر ذكر مرجعية الشريعة الإسلامية مسبوقة بعبارات متنوعة: مبادئ، مقاصد، قواعد، فإن كلمة أحكام الشريعة الإسلامية لم ترد إلا في سياق الكلام عن قوانين الأسرة مع نظرة سلبية لوضع المرأة لاسيما في الريف والدعوة لمساوتها بالرجل، والإقرار بحق الزوجة في العمل في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية العامة، ولن تجد إجابات واضحة لطرق معالجة الآثار المدمرة للحداثة على الفرد والأسرة والمجتمع، كالرأسمالية بما فيها من انحياز صارخ لطبقة رجال الأعمال، وكالعلمانية العملية، والليبرالية الفردية، والنسبية الأخلاقية وغيرها[2].
هنا يلفت نظرنا عويمر أنجوم الأستاذ الباكستاني في جامعة توليدو الأمريكية (وهو متخصص في التراث الإسلامي وفي الفكر الإسلامي المعاصر كذلك) إلى أمرين هامين أحسب أنهما من آثار العمل السياسي ضمن الدول القومية الحديثة خاصةً في عالمنا العربي، أولاً: نزوع الإسلاميين السياسيين، وحديثنا هنا عن الإخوان المسلمين تحديداً، إلى غض الطرف وعدم التعرض للفوارق الجوهرية بين القيم والتقاليد الإسلامية وبين الالتزامات العلمانية والليبرالية للديمقراطية الحديثة، مما يترك الكثيرين من أتباع هذا التيار في حالة من الشلل العملي والتيه المعرفي بالخطوات التي ينبغي أن تتخذ للحد من حالة الاستلاب الثقافي والسياسي التي تعاني منها الأمة. ثانياً: التعامل بانتقائية شديدة مع التراث الإسلامي ومحاولة العودة إليه لتعديله ليتوافق مع الحداثة والنموذج الغربي المطروح للعدالة الاجتماعية والسياسية، بدلاً من الانطلاق منه لإصلاح الواقع الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي الحالي[3].
أما في الوضع التونسي وتجربة حزب النهضة ومنظّرها راشد الغنوشي عقب الثورة التونسية، فإن الانخراط في نظام الدولة الحديثة والتمسك بالعمل من خلالها رغم هبوب رياح الثورة المضادة في تونس عام 2014، أفرز تحولاً راديكالياً أو ما قد نطلق عليه انقلاباً ثقافياً هائلاً من نظريات “الإسلام السياسي” و”الديمقراطية الإسلامية” التي نادى بها الغنوشي ودافع عنها كثيراً، إلى حالة “المسلمين الديمقراطيين”. وفقاً لهذا التغيير الجذري، فإن الهدف المعلن لحزب النهضة هو السعي لإنشاء اتجاه واسع من المسلمين الديمقراطيين الرافضين لوجود أي تناقض بين قيم الإسلام وقيم الحداثة[4].
ختاماً، فإنه بعد حوالي نصف قرن من اختيار التيار العام للإخوان المسلمين العمل السياسي ضمن الدولة القومية الحديثة، فإن أثر الحداثة على خطاب الحركة بات كبيراً وعميقاً جداً وفي مجالات الحياة المختلفة، بدءاً من طبيعة نظام الحكم المرغوب ووصولاً إلى إعادة قراءة التراث الإسلامي بمناظير حداثية جديدة وتعديله بما يتوافق مع قيم الحداثة على مختلف الأصعدة الاجتماعية والحقوقية والسياسية.
[1] Ovamir Anjum, Salafis and Democracy: Doctrine and context, the Muslim world 106:3 (448-473), July 2016.
[2] برنامج حزب الحرية والعدالة.
[3] Ovamir Anjum, Do Islamists have an intellectual deficit, Brookings, rethinking political Islam series, April 20 2016.
[4] Andrew March, the Caliphate of man: popular sovereignty in modern Islamic thought, (Belknap Press/Harvard University Press, 2019), 210.