الحرب والسلم في العلاقات الدولية: دراسة مقارنة بين الإسلام والغرب
د. حورية ساعو
د. جميلة خويدمي
شهد المجتمع الدولي تطوراً هائلاً وسريعاً في مجال العلاقات الدولية، فقد تطورت العلاقات بين الشعوب والأمم والدول في العصر الحديث وتعددت مظاهرها وفواعلها، حيث لا تستطيع أمة من الأمم أو دولة من الدول أن تبقى في عزلة عن الآخرين، فالعلاقات الدولية والقانون الدولي ثمرة المساعي المشتركة التي تقوم بها الشعوب وتتعاقب عليها الأجيال، ويكفي أن توجد جماعتان حتى تشتبك بينهما المصالح وتضطرهما إلى التعامل والتعاقد وتقرير قواعد الحرب والسلم، إذ تعتبر مسألة الحرب والسلم من أهم القضايا التي اهتم بها القانون الدولي المعاصر عبر مراحل تطوره.
ومن جهة أخرى فبينما تقوم العلاقات الدولية المعاصرة على القوة والسيطرة والنفوذ وعلى المصلحة الذاتية، فإنه ومنذ أن جاء الإسلام وأراد أن يوثق العلاقات الدولية سياسياً ودبلوماسياً في حربه وسلمه، فإنه لم يغفل على أي جانب من جوانب الحياة وقد نظمه ووضعه في مكان من البنيان الإسلامي العظيم وبين حكمه والحكمة منه، فأقام قواعد الحق والعدل بين الناس جميعاً بما يتماشى ومبادئ الإيمان الصادق والعمل الصالح مما يحقق للإنسان كرامته وإنسانيته ويحفظ له حقوقه في حالة الحرب وحالة السلم ؛ وإن توتر العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم ليس في الصالح الإسلامي ولاسيما في وقتنا الحاضر لأن المصلحة الإسلامية لا تقتصر فقط على تحقيق الانتصارات مثلاً في حرب ما أو وضع العراقيل أمام نشر الدعوة الإسلامية، لأن ما يتحقق في حالة السلم أعمق وأوسع مما يتحقق في حالة الحرب ؛ وعلى ضوء هذا جاءت هذه الورقة للبحث في موضوع السلم والحرب في العلاقات الدولية دراسة مقارنة بين الإسلام والغرب.
مقدمة:
كلما تقدمت المجتمعات عبر مختلف الحقب والأزمنة، كلما أصبحت بالضرورة مقبلة على محاولات ومساهمات مفكريها وعلمائها على وضع أسس تنظم الحياة في كل مرحلة من مراحل التاريخ ، وكذا ضرورة إقامة علاقات بين الأمم والشعوب تبنى على مد جسور التعاون أو المصالح، وذلك لتحقيق مختلف الأغراض السياسية، الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ومن هنا كان للأمم في علاقاتها مع غيرها قواعد ومبادئ تعارفت عليها منذ القدم، وعليها أقامت أساس العلاقات في حالتي الحرب والسلم حتى ولو كان ذلك بالطريقة التقليدية، لأن من حق كل دولة بأن تحظى بحقوقها ضمن القانون الدولي، والذي باتت معالمه تتضح بعد الحرب العالمية الأولى وبعد أن نالت الحروب الصليبية من البشرية وكادت تدمرها، وكلما تطور حقل العلاقات الدولية كلما كانت الحاجة إلى المزيد من الدراسة والتحليل والضبط وإبداء وجهات النظر المختلفة للوصول إلى أفضل وأعدل الأنظمة والقواعد التي تحقق المجتمع الإنساني الفاضل الذي يسوده الأمن والسلم.
إن واقع العلاقات الدولية المعاصرة بين المسلمين وغيرهم ليس ذا صفة حسنة، لأن هذه العلاقات تميزت بالاضطراب واهتزت معايير الاحتكام فيها، وحار المفكرون والعقلاء في شأنها خاصة فيما تعلق بمسألتي الحرب والسلم، فإن الإسلام دين الرحمة العامة للناس جميعاً، يتميز في سلمه وحربه وعلاقاته مع غير المسلمين بأنه خير معين للأفراد والشعوب في تحريرها والحفاظ على كرامتها وإنسانيتها، والسلم في الإسلام هو المصطلح الأساسي وأساس العلاقات الدولية، والحرب بالنسبة له هي ضرورة لا غير.
وعلى ضوء ذلك فإن هذه الدراسة تبحث في الإشكالية التالية:
ما مدى أهمية قواعد الشريعة الإسلامية في مسألتي الحرب والسلم في العلاقات الدولية مقارنة مع قواعد القانون الدولي في الوقت المعاصر؟
المحور الأول: تطور العلاقات الدولية من المنظور الغربي والإسلامي.
يعود التفكير بشأن الظواهر الدولية قديماً جداً، حيث يذهب إلى ما قبل الميلاد، ففي الصين القديمة حذر كونفشيون (551-479 ق.م) الحكام من الدخول في حروب عدوانية ضد بعضهم البعض، ورأى أن الحرب مجلبة للخراب والدمار، وفي الهند أوصت التعاليم البوذية بضرورة نبذ الحرب وتجنب العنف، ودعت إلى عدم إيذاء الآخرين واعتماد الوسائل السلمية في التغيير، وقد طبق “غاندي” هذه الفلسفة في العصر الحديث في نضاله ضد الاستعمار البريطاني[1].
يرى كوتيليا الهندي (312-269 ق. م) أن القوة هي معيار ومحدد لسلوك الدول حيث يقول: “إن من يعتقد أن قوته تزداد كماً ونوعاً أكثر من قوة خصمه، وأن خصمه يتقهقر، قد يغفل مع الزمن عودة القوة لذلك الخصم، وإذا شعرت بضعفك تجاه خصومك لابد من وضع سلام معهم، وإذا شعرت بتفوقك عليهم لابد من شن الحرب، أما إذا شعرت بعدم قدرتك، ولكنك قادر على الدفاع عن نفسك فلابد من التزام الحياد.” فهو يقدم مختلف الاستراتيجيات التي ينبغي على الدولة أن تتبعها من أجل الحفاظ على بقائها وسلامها.[2]
أما شيشرون الروماني (106-43 ق.م) فقد اشتغل على فكرة القانون الطبيعي الذي رآه مستمداً من وحدة العقل البشري، وعليه إمكانية بناء دستور موحد للعالم أسماه “دستور العالم”، تخضع له كافة الأمم والشعوب، وتتوحد في ظله القوانين والشرائع بمعنى حاول شيشرون التأسيس والدعوة لفكرة قيام “دولة عالمية” انطلاقاً من أن القانون الطبيعي، العدالة والإخوة الإنسانية هي مفاهيم عالمية وليست خاصة بأمة أو دولة ما،[3] بينما أعطى القديس أوغسطين (354-430م) صبغة دينية لفكرة شيشرون حول إقامة “دولة عالمية” حيث حولها إلى “مدينة الله” المثالية المناقضة لمملكة الشيطان والخطيئة، وكانت دعوة أوغسطين لإقامة دولة عالمية من أجل تعزيز سيطرة الكنيسة على المسرح العالمي بعد أن أصبحت تلعب دوراً بارزاً في شؤون أوروبا السياسية ومن أجل بسط تعاليم المسيحية كي يسود الأمن والتسامح وتعم الطمأنينة، وهو يعترف كذلك في الوقت نفسه أن الحرب رغم طبيعتها القاسية ونتائجها المدمرة هي من أعمال الشر التي قد يقترفها الإنسان وبالتالي يصبح من الضروري خوضها للقضاء على الشر، إذ يقول:”إن الحرب والغزو ضرورة مؤسفة في عيون أصحاب المبادئ، …ومع ذلك فإنها ستكون ضرورية كذلك لسوء الحظ إذا هيمن الشريرون على الخيرين.”[4]
وأسس نيكولاس ميكيافيلي (1469-1527) في عصر النهضة علم السياسة الحديث من خلال كتابه “الأمير” حيث فصل الأخلاق عن السياسة وجعل هذه الأخيرة مرادفة لمفهوم القوة، كما جعل من مفهوم الصراع محوراً مركزياً وصفة لصيقة بالسياسة، وقد اعتقد أن طبيعة العلاقات التي تقوم بين الدول مشابهة لتلك العلاقات التي تقوم بين الأفراد، مما يجعل من التنافس المفضي إلى النزاعات والحروب أمراً ممكناً جداً، وعلى خطى ميكيافيلي عمق “جون بودان” التركيز على فكرة الدولة كوحدة أساسية في التحليل السياسي من خلال اهتمامه بمفهوم “السيادة” حيث اعتبرها جوهر بقاء الدولة وقوتها حيث مثلت السيادة حجر الأساس في البناء الحديث للدولة وكانت لها انعكاسات جد مهمة على التنظيم الدولي وعلى العلاقات الدولية التي نشأت بعد معاهدة وايتيفاليا 1948، فعلى الصعيد الداخلي اهتمت بتوحيد سلطة الدولة والتي لا تعلوها ولا تشاركها سلطة أخرى، أما على الصعيد الخارجي نجم عنها مبدأ استقلالية الدول ومبدأ تساوي المراكز القانونية للدول، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فاعتبرت بمثابة ركائز للقانون الدولي وللعلاقات بين الدول.[5]
أظهر “ديفيدهيوم” (1711-1776)، رائد الفلسفة التجريبية في الفكر الغربي الحديث ميولاته الفكرية التي صنفت في خانة الواقعيين حيث رأى بأن الدول تلجأ إلى الحرب بغية الحفاظ على توازن القوى القائم ومنع أية دولة من محاولة تغييره، بما في ذلك الدول التي تسعى إلى تحقيق وضع الهيمنة.[6]
أسهم دم سميث (1723-1790) في وضع الأسس الفكرية للمدرسة الليبرالية في العلاقات الدولية خاصة في المجال الاقتصادي، حيث انطلق من قاعدة “توافق المصالح” التي جعلته يؤمن بإمكانية إصلاح العلاقات الدولية عن طريق تفعيل وتطوير القانون والتنظيم الدوليين، فالسعي لتحقيق مصلحة الفرد يعني بصورة آلية تحقيق مصلحة الجماعة ، فلا تعارض بينهما، وبإسقاط هذا على المجتمع الدولي يمكننا القول أن الدولة في سعيها لتحقيق مصالحها الخاصة فإنها تحقق مصالح الجماعة الدولية ككل، وأن الدولة كلها تسعى إلى تحقيق السلم العالمي تماشياً وقاعدة توافق المصالح.[7]
إلى غاية القرن التاسع عشر استطاع المفكرون والفلاسفة والمؤرخون والاقتصاديون الغرب أن يسهموا بشكل كبير في حقل العلاقات الدولية بشكل عام، ولكن بعد الحرب العالمية الأولى حظيت باهتمام آخر اتسم بالروح العلمية الأكاديمية وأصبح تخصصاً علمياً مستقلاً يرتكز على نظريات كثيرة تفسر واقع العلاقات الدولية في العصر الحديث، أخذت العلاقات الدولية في العصر الحاضر فكرة العائلة أو الأسرة الدولية وتحددت منذ مؤتمر وستيفاليا سنة 1648 عقب انتهاء العصور الوسطى وكانت مقصورة في أول الأمر على دول غرب أوروبا ثم انضمت إليها سائر الدول الأوروبية المسيحية، ثم شملت الدول المسيحية، ثم اتسعت سنة 1856 فشملت تركيا الدولة الإسلامية ودولاً أخرى غير مسيحية مثل البوذية في اليابان والصين والهندوسية في الهند، وأصبح بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة حق الاعتراف بالدول الناشئة وحق استقلالها ومنع الاعتداء عليها، وهذا حق من حقوق الدولة الطبيعية المعترف بها في القانون الدولي المعاصر كما لهذه الدول الحق في البقاء وحق الدفاع الشرعي وحق المساواة وحق الحرية وحق الاحترام المتبادل، وهذا ما قبلت به الدول الإسلامية مما جعلها تنضم إلى الأمم المتحدة ولم يعد مشروعاً لأية دولة الاعتداء على أراضي دولة أخرى، أو ضم أراضيها بالقوة أو الاحتلال العسكري، إلا إذا أقرت التدخل للسلامة الجماعية أو حالة الدفاع عن الإنسانية.
أصبحت العلاقات الدولية بين مجموعة الدول في العصر الحديث قائمة على أساس من الاعتراف بالدولة والاحترام المتبادل، ولكل دولة حق المساواة مع الدول الأخرى، ولها سيادة أو سلطة عليا على أراضيها وشعبها، وفيها ثلاث سلطات هي: تشريعية قضائية وتنفيذية، ويعني ذلك الاعتراف باستقلالية كل دولة على حدة، ولا يسمح لأية دولة بالتدخل في شؤون دولة أخرى، ويكون الاستعمار البغيض مرفوضاً جملة وتفصيلاً، ولا بد من احترام مقتضيات السلم والأمن الدولي، وهذه نظرة حضارية رفيعة وإنسانية ولها أهميتها الملموسة من أجل رقي واستقرار الشعوب والأمم وتمكين كل دولة من حل مشكلاتها وقضاياها بنفسها.[8]
نجد في عهد الدولة الإسلامية أن الإسلام هو دين المحبة والتسامح والسلام ويدعو إلى إقامة العلاقات الودية والطيبة مع الناس جميعاً بعد دعوته للإسلام واستجابتهم له وعدم اعتدائهم على أرض الإسلام، وقد ظهرت العلاقات الدولية جلية منذ الإسلام الأول حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل الرسل إلى الملوك والأمراء والأباطرة والزعماء ويدعوهم إلى الإسلام وكان للرسول (حامل الرسالة) كل الاحترام والتقدير وعدم الاعتداء عليه، وكان الاعتداء عليه يشكل خرقاً لأبسط قواعد الدبلوماسية بين الأمم، وهذا المبدأ مازال سائداً رغم ما لحقه من تطور وتقدم، وتطورت العلاقات الدولية في ظل الدولة الإسلامية حتى شملت المعاهدات والاتفاقيات والبعثات والدبلوماسية، وهذا التطور ساده التذبذب متأثراً بالظروف الدولية السائدة في كل عصر.[9]
إن مراجعة تطور دراسة العلاقات الدولية يمكن أن يوضح مدى مساهمة بحث العلاقات الدولية في الإسلام في دراسة علم العلاقات الدولية سواء قبل ظهوره كعلم مستقل أوفي فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى أو في الفترة التالية لوجوده كعلم بحد ذاته، وتوضح أدبيات العلاقات الدولية الغربية أن جهود التنظير حول طبيعة العلاقات الدولية بين الدول ومنذ العصور أن الكثير من المفكرين تناولوا نفس الموضوعات وكانت كلها انعكاساً للأوضاع السائدة في أوروبا، حيث ركزوا على الدولة القومية ذات السيادة من حيث أصولها ووظائفها والقيود المفروضة على السلطة الحكومية وتقرير المصير القومي والاستقلال[10]، وهذا ما يوضح وجود فجوة كبيرة فيما يتعلق بموقف الأصول الإسلامية والمفكرين المسلمين من مثل هذه الموضوعات، وماهية القضايا المحورية موضع اهتمامهم والتي جاءت انعكاساً لأوضاع الأمة الإسلامية في الفترات المختلفة من التاريخ ومن هنا فإن مشروع العلاقات الدولية في الإسلام يساعد على سد الفجوة التي تتجاهلها الأدبيات الغربية في عرضها لتطور دراسة الظواهر التي تقع في نطاق علم العلاقات الدولية، بالمقابل مر علم العلاقات الدولية في أعقاب الحرب العالمية الأولى بأربعة مراحل أساسية هي: المثالية، الواقعية، السلوكية ومرحلة ما بعد السلوكية، غير أن هذه المراحل لم تتعرض لمساهمة المنظور الإسلامي في دراسة العلاقات الدولية وكلهم ركزوا على تناول ما يجب أن يكون عليه سلوك الدول أكثر من تركيزهم على السلوك الفعلي للدول وبالتالي ركزوا على الحقوق والالتزامات الدولية القانونية، وهذه القواعد القانونية التي نادوا بها تعكس بالأساس قواعد السلوك الغربي التي اتفقت عليها الدول الأوروبية في القرن 19، أما عن بحث العلاقات الدولية في الإسلام فهو يسعى لإبراز المبادئ المثالية التي يجب أن تحكم العلاقات الدولية دون التقيد بنطاق جغرافي أو زماني محدد فهي مبادئ مستمدة من رؤية هدفها تحقيق مصالح البشرية جمعاء.[11]
انتقدت نظريات العلاقات الدولية في الأدب الغربي كثيراً من قبل المفكرين وهذا ما يفسر تزايد ظهور نظريات جديدة أخرى في مرحلة ما بعد السلوكية وكل هذه الأدبيات ترفض الفصل بين الأبعاد القيمة والواقعية، وبالتالي فإن بحث العلاقات الدولية في الإسلام يمكن أن يوضح كيف يتبنى المنظور الإسلامي نظرة أكثر شمولية من التوجهات الغربية فلا توجد تفرقة بين المثالية والواقعية، وإنما يتميز المنظور الإسلامي بأنه توحدي، وبالتالي فإن دراسة العلاقات الدولية في الإسلام يمكن أن توضح أهميته ومساهمة النظرة الشمولية التوحيدية الشاملة في فهم الظواهر التي تقع في نطاق علم العلاقات الدولية.[12]
لقد كان من الطبيعي أن تنشأ مشكلة قانون العلاقات الدولية عند المسلمين منذ ظهور الدولة الإسلامية، وبسبب دعوة الإسلام الشاملة للبشرية ككل، فقد أفاض فقهاء الشريعة الإسلامية والمفسرون فيما أتى به الإسلام من قواعد بشأن العلاقات مع الدول غير الإسلامية في حالتي الحرب والسلم ومعاملة أهل الذمة والأجانب، وعالجوا ذلك في مؤلفات خاصة مثل “سير الأوزاعي” (157 هجري) وكتاب الجهاد “لعبد الله بن المبارك” (181 هجري) وكتاب الجهاد “للطبري” (310 هجري)، فهذه المؤلفات كلها لا تدع مجالاً للشك في أن الفقه الإسلامي كان أول فقه يدرس القانون الدولي كفرع مستقل عن الدراسات القانونية الأخرى، وذلك قبل ظهور “كروسيوس” الذي سُمي بـأب القانون الدولي بثمانية قرون، وكما اشتملت الشريعة الإسلامية على ضوابط وأحكام تكون نظاماً متكاملاً يحكم العلاقات الإنسانية، لم يصل القانون الدولي لمثلها إلا بعد أربعة عشر قرناً وكان الإسلام خلاقاً لقواعد جاءت أخيراً في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقانون البحار، وقانون المعاهدات، وقانون الدبلوماسية، ومعاهدات جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب والجرحى والمدنيين.[13]
يرى عبد الحميد أبو سلمان أن النظرية الإسلامية والفلسفة التي تقوم عليها العلاقات بين الدول تركز على فكرة الإسلام، والرؤية الإسلامية للسلام تستند بشكل قطعي إلى وحدة الأصل الإنساني والمصالح المشتركة، وهي تشكل الأسس الثابتة والوحيدة لفهم طبيعة الإنسان وطبيعة العلاقات الشخصية البيئية والتفاعلات الدائرة بين الجماعات، فمن المهم إدراك أن الإسلام يقرر أن طبيعة الإنسان ومصالحه وعلاقاته في تفاعلاتها وتلاحمها إنما تماثل الحلقات الدائرية المتداخلة تبدأ بالفرد وتنتهي بالإنسانية، وفي المقابل فإن الفلسفات والأيديولوجيات العالمية الأخرى تركز في جهودها نحو السلام على كيفية إدارة المنازعات والحروب، ومحاولة الحد من أضرارها وهذه الفلسفات الغربية إنما تقوم على أساس مفهوم القومية وصراع الجماعات والطبقات وبذلك تؤكد على العامل السلبي في العلاقات الإنسانية في اختلاف المفاهيم والمصالح والتوجهات المتعارضة وهذا ما يؤدي عادة إلى نشوب موقف تنازعي ومنه الوقوع في الحروب.[14]
وعلى الرغم من ذلك فإنه لابد لنا أن لا نتجاهل أن الطريق الذي يسلكه المجتمع العالمي على خطى والوظيفية العالمية ونمط المنظمات الدولية يعتبر تقدماً ملموساً، ويجب الإبقاء عليه كما يمكن تطويره وتحسينه من خلال إطار فلسفي بناء، وفي ظل مبادئ الوفاق والسلام التي يكفلها الإسلام، من جانب آخر، وبالرغم من أن ارتكاز الرؤية الإسلامية للعلاقات الدولية على السلام كأصل وغاية في العلاقات الدولية، إلا أن المنظور الإسلامي لم يأخذ مكانه في الواقع العلمي للعلاقات الدولية خاصة على صعيد تسوية الصراعات والنزاعات الدولية.[15]
وفي الأخير يتأكد لنا كعالم إسلامي ضرورة تقديم إسهامات في الحقل السياسي الدولي الحضاري والذي يواكب مستجدات العصر ومختلف الظواهر الدولية المعاصرة، وذلك لأن الإسلام يدعو أتباعه إلى إحداث نظام عالمي جديد مما يعني تحقيق أداء واجب الطاعة والتسليم بالله تعالى، وبالتالي فإن التزام المسلمين بنظام أمر الناس جميعاً بالدخول إلى الإسلام وتنظيم شؤونهم وكل أمور حياتهم في عدل موثوق وإخاء عالمي يسوده السلام والعدالة والإخاء هو التزام ديني ومنهجي مسؤول للعالم ككل، وهذا هو الطريق الوحيد لإنقاذ البشرية من المنافسة المتواصلة والمعاناة العقيمة.[16]
المحور الثاني: الحرب في العلاقات الدولية على ضوء القانون الدولي وفي الشريعة الإسلامية.
لفهم مسألة الحرب في القانون الدولي وفي مقاصد الدين الإسلامي، يجب المرور أولاً على تعريف ماهية هذا المفهوم، وبالتالي تحديد معالم الموضوع والدخول في تفاصيله ومقارنته في الحالتين:
1- مفهوم الحرب في القانون الدولي:
يرفق القانون الدولي بين الغزو والحرب، فالغزو يعني دخول قوات الدولة المحاربة إقليم العدو، وهو لا يتضمن إتمام السيطرة على هذا الإقليم، أما الحرب فتعتبر بأنها نضال بين القوات المسلحة لكل من الفريقين المتنازعين، حيث يرمي كل منهما إلى صيانة حقوقه ومصالحه في مواجهة الطرف الآخر، وهذا التعريف اعتبر تقليدياً لأنه حصر الحرب في كونها بين الدول فقط، أما التعريف الحديث للحرب فهو يقصد به: صراع مسلح بين الدول يجري حسب الوسائل المنظمة بالقانون الدولي، بهدف تأييد وجهة نظر سياسية أو بعبارة أخرى الحرب هي القانون الدولي، والناجمة عن اصطراع مسلح بين الدول بقصد إحداهما أو مجموعة منها لوجهة نظرها بالقوة على الدولة أو الدول الأخرى.[17]
الحرب في الاصطلاح الدولي هي: صراع مسلح بين دولتين أو فريقين من الدول ينشب لتحقيق مصالح وطنية وهي حالة قانونية معترف بإمكانية قيامها، وأن الحرب بمفهومها البسيط تعني استخدام للقوة والعنف المسلح المنظم بين الجماعات الإسبانية، فالقوة ضرورية في كل مجتمع تقريباً لفرض القانون ومعاقبة من يتجاهلونه، بالإضافة إلى أن التوتر يسود مختلف فئات المجتمع الدولي وهذا ما يؤدي إلى نشوب النزاع المسلح إذ أن هذه الفئات تدعي لنفسها السيادة وبالتالي لا تريد أن تخضع لأي سلطة لذلك نجد أن الحرب هي الوسيلة القانونية الوحيدة لإعادة هذه الفئات إلى الصواب.[18]
ويعرف “كوينسي رايت” (Quincy wright) الحرب بأنها: “الأساس القانوني الذي ينتج لجماعتين أو عدة جماعات متعادية أن تحل النزاع فيما بينها بقواتها المسلحة”.
أما “ينكر تشك” يرى أنها: صراع بين دول مستقلة ولها صفة الدولية، ويحددها “لاجورجيت” بأنها حالة من الصراع العنيف الذي يقوم بين جماعتين أو عدة جماعات من أفراد منتمية إلى النوع نفسه بناءً على رغبتهم أو إرادتهم، فيما يجد” كارل فون كلاوسويلز” بأنها ليست إلا فض النزاع بين المصالح الكبرى عن طريق الدم.[19]
نستطيع القول بأن القانون الدولي التقليدي قد اعتبر الحرب واستعمال القوة عملاً مشروعاً تستطيع أي دولة أن تستخدمه ضد أي دولة أخرى من أجل تحقيق أهدافها ومصالحها أو احتلالها وضم الإقليم المحتل على أراضيها، ومنه فإن الاستعمار والغزو هما أعمال مشروعة، فقد انطلق القانون الدولي في تشريعه هذا من أفكار الدول الأوربية التي صاغت بنوده وقواعده بما يضمن مصالحها ويحقق أهدافها ويضفي الشرعية على أعمالها الاستعمارية في أرجاء المعمورة لذلك فقد صيغت بنود هذا القانون ليتناسب مع رغباتها ويحل مشكلاتها في اقتسام الأقطار التي تم استعمارها.[20]
2-الحرب والجهاد في الإسلام:
ظاهرة الحرب في الإسلام ليست مجرد صدام عضوي فرضه منطق الدفاع عن النفس ضد عدوان خارجي، ولكنها حقيقة فكرية تنبع وتتحدد بمجموعة من المبادئ التي وضعتها الأصول التأسيسية، كما أن الكلام عن الجهاد المسلح أو الحرب المشروعة في الإسلام ليس بالأمر الهين وذلك بسبب تغير الظروف الدولية المعاصرة لأن وضعنا اليوم مختلف عما سبق، حيث أن العنصر البشري لم يعد له الأهمية الحاسمة في الحروب الحديثة، وتملك الدول الكبرى قوة لا تماثلها قوة المسلمين، كما أن تشريع الجهاد في الإسلام أمر استثنائي أو اضطراري لرد العدوان وحماية المصالح الإسلامية، لقوله تعالى: ” كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون” (سورة البقرة 216).[21]
كلمة الجهاد مصطلح إسلامي أو حقيقة شرعية ذات معنى محدد، يستعملها الفقهاء كما يستعملون غيرها من الكلمات التي تؤدي معناها أو جزء منها كالقتال والحرب ونحوهما، والجهاد في اللغة من الجهد وأصله المشقة وهو الوسع والطاقة، وجاهد في الحرب واجتهد جهاداً ومجاهدة أي جد وبالغ وبذل وسعه وطاقته ليبلغ مجهوده ويصل إلى غايته، أما في الاصطلاح الشرعي العام فوردت كلمة الجهاد في الكتاب والسنة في أربعة معاني هما:
-الجهاد بالنفس وهو جهاد الكفار بالخروج للقتال ومباشرته بالنفس والبدن.
-الجهاد بالكلمة أو القول وهو يشمل مجاهدة الكفار والمنافقين بالحجة والبرهان والبيان، كما في قوله تعالى: “يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين” (سورة التوبة الآية 73.).
-الجهاد بالعمل وذلك ببذل الجهد في عمل الخير ليكون نفعه عائداً على صاحبه بالاستقامة والصلاح، كما في قوله تعالى: “ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه” (سورة العنكبوت، الآية 6).
-الجهاد بالمال ويكون على وجهين أحدهما إنفاق المال في إعداد السلاح والآلة والزاد والثاني إنفاق المال على غيره ممن يجاهد ومعونته بالزاد والعدة وغيرها، كما جاء في قوله تعالى: “وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله” (سورة التوبة، الآية 41).[22]
– ترادف كلمة الجهاد بالمعنى الخاص في القران الكريم، كلمتي الغزو والحرب وهما تعنيان قتال العدو، ولقد وردت كلمة حرب في القرآن الكريم بمعنى القتال مع العدو، كما جاء في الآيات لقوله تعالى: “كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله” (سورة المائدة، الآية 64)، أي كلما أبرموا أموراً يحاربونك بها أبطلها الله، وقوله تعالى: “فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون” (سورة الأنفال، الآية 57)، وفي القتال جاء ذلك في قوله تعالى: “فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارهما” (سورة محمد الآية 04)، أي حتى تؤمنوا وتضعوا سلاحكم وهذا الترادف اللغوي بين الكلمات الثلاث هو مقصود عند الاستعمال في عرف لفظها.[23]
وفي تعريف آخر للحرب فهي نقيض السلم؟، والحرب تعني المقاتلة والمنازلة والتباعد والبغضاء، ويقال قتل حال الحرب، أي حال القتال وجاءت كلمة الحرب في القران الكريم في عدة مواضيع بصيغة الفعل والمصدر بمعنيين اثنين أحدهما الكفر والضلالة أو العذاب بالنار كما في قوله تعالى: “يأيها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين (278) فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون” (سورة البقرة، الآيتان 278-279)، والثاني هو القتال وجاءت بهذا المعنى ثلاث مرات فقط كما في قوله سبحانه وتعالى: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون” (سورة الأنفال، الآية 57).[24]
كانت مشروعية الجهاد في السنة الثانية للهجرة لما نزل قوله تعالى: “كتب عليكم القتال وهو كره لكم” (سورة البقرة ، الآية 216)، بعد أن أذن الله تعالى به بعد الهجرة بقوله تعالى: “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا” (سورة الحج، الآية 39)، ولم يجعل الإسلام الجهاد مقتصراً على قتال العدو في المعركة فحسب، بل دعا الدعوة السلمية جهاداً في سبيل الله، فليست الغاية فتحاً للبلاد بقدر ما هي فتح لقلوب البلاد لتقبل دعوة الحق، فالإسلام لا ينطلق من هوى شخصي أو نزعة مادية تحدوه ليغتنم أو يسيطر على العالم، بل يعمل لإحقاق الحق وينصر العدل.[25]
تحكم العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية في وقت الحرب خمسة مبادئ وهي في حقيقتها تأكيد للتصور الأصولي المبرر للحرب وغايتها، فالحرب في التصور الأصولي هي إرادة حضارية بمعنى أداة تحقيق الوظيفة الاتصالية التي تدور حول مفهوم نشر الدعوة وهذه المبادئ ليست سوى تعبير عن الطبيعة الحضارية والعالمية والإنسانية للدعوة الإسلامية، حيث تتمثل هذه المبادئ في أن:
-الاتصال هو محور ومقدمة التعامل الخارجي.
-الحرب ليست مجرد قتال ومواجهة ولكنها تخضع لمجموعة من الأخلاقيات.
-العدالة هي جوهر الممارسة والتعامل.
-وحدة قيم التعامل في الداخل والخارج.
-احترام كرامة الإنسان وإنسانية الوجود السياسي.[26]
وأكدت العديد من الآيات القرآنية والنصوص الإسلامية بأن اللجوء إلى القوة والحرب يكون في الحالات الاستثنائية ولدفع العدوان وقمع الفتنة، وأعظم فتنة هي الشرك بالله تعالى وهي أعظم ضرراً من القتال، والنصوص الإسلامية لا تبنى على مجرد المدلول اللفظي الذي لا يفي بالغرض، بل لا بد من استخلاص المفهوم انطلاقاً من الظرف الاجتماعي والواقعة الاجتماعية التي وردت فيها الآية، والبحث عن مصلحة الجماعة في التشريع، فقد حددت الأهداف والمبررات التي تجب فيها الحرب أو الجهاد ومنها:[27]
-الدفاع عن العقيدة ونشرها، قال تعالى: “اللذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً” (سورة النساء، الآية 76.).
-لدفع العدوان ودرء الظلم ومنع الفساد وقمع الفتنة أو إزالتها، قال تعالى: “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين” (سورة البقرة، الآية 192).
-حق الدفاع الشرعي لقوله تعالى: “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين” (سورة البقرة، الآية 193)، فالحرب عمل مشروع تلجأ إليه الدولة الإسلامية لدفع العدوان ومقاومة الاحتلال والاستعمار أي أنها ضرورة عملية لا يمكن القول بعدم مشروعيتها.
-تغير الهدف من الإعلان عن الحرب والقتال اليوم فلم يعد أسلوباً حركياً فاعلاً إلا لدولة كبرى في الظروف الدولية المعاصرة بسبب الاعتراف الإقليمي بالدول والانضمام إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر اللجوء إلى القوة ويمنع الحرب إلا للدفاع عن النفس أو البلاد، وأصبح الجهاد مطلوباً اليوم بمعنى تحرير أجزاء البلاد الإسلامية من تسلط المستعمرين والغاصبين لأن غير المسلمين يحتلون أجزاء من ديار المسلمين والتحرير طبعاً مقدم على ما سواه.[28]
وكما رأينا أن الحرب في القانون التقليدي تعني من الناحية القانونية صراع مسلح بين الدول لتحقيق غرض سياسي أو للدفاع عن المصالح الوطنية، وعند المقارنة نجد أنه ما أسهل ادعاء بعض الدول على أنها تدافع عن مصالحها وما أسهل أن تختلف لذلك الأسباب الواهية التي يحدوها حب السيطرة وبسط النفوذ والاستعلاء ولذلك يبقى مفهوم الحرب مائعاً وغامضاً في المفهوم الغربي [29] عكس ما هو عليه في الفكر الإسلامي الثابت منذ الوجود.
المحور الثالث: السلم والدبلوماسية في العلاقات الدولية: بين الرؤية الإسلامية والقانون الدولي الغربي.
1-مسألة حفظ السلم في القانون الدولي الغربي:
على نقيض العنف والحرب يعرف السلم بأنه التجانس المجتمعي والتكافؤ الاقتصادي والعدالة السياسية وهو أيضاً اتفاق متعدد بين الحكومات وغياب القتال والحرب وقد يعبر عن حالة من الاستقرار الداخلي أو الهدوء في العلاقات الدولية.[30]
تعرف الدبلوماسية كظاهرة في العلاقات الدولية بأنها فن ممارسة التفاوض بين ممثلي التفاوض والوحدات الدولية بقصد تقريب وجهات النظر والتوفيق بين المصالح المتباينة لهذه الوحدات في إطار ما تسعى إلى بلوغه من أهداف في حركية التفاعل الدولي[31]، أما مفهوم الدبلوماسية كونها تنظيم فهو عملية التمثيل والتفاوض التي تجري بين ممثلي أشخاص القانون الدولي العام وفق منظومة من القواعد والأعراف الدولية والمراسيم في إطار ما يسعون إليه من التخفيف في عملية تنفيذ السياسة الخارجية، وقد حظيت الدبلوماسية باهتمام دولي كبير وأصبحت تتميز بطابعها المزدوج المتمثل في السعي والعمل على تنفيذ أهداف السياسة الخارجية والحفاظ على السلم والأمن الدوليين[32].
يمكن القول بأن الدبلوماسية هي فن تمثيل الدول في المحافل الدولية عن طريق ممثلين معتمدين لهذا الغرض، من أجل الوصول إلى حل لفض المنازعات بين الدول عن طريق التطبيق العلمي للعلاقات القائمة بين الدول، وللدبلوماسية آليات متعددة لحل النزاعات المسلحة كنقيض لحل الخلافات بالوسائل العسكرية واستخدام القوة في العلاقات الدولية، وأهم هذه الآليات نجد: المفاوضات، المساعي الحميدة، التوفيق، الوساطة والتحقيق، إذاً الدبلوماسية أداة لتحقيق السلم.
السلم والسلام في القانون الدولي هو حالة اللاحرب والامتناع عن استعمال القوة فيما بين الأمم لبلوغ حالة دائمة ومستقرة من السلم، بالإضافة إلى محاولة القضاء على دواعي الحرب، لذلك فإن المجتمع الدولي قد شرع في سن نصوصاً قانونية تطمح إلى منع اللجوء إلى الحرب عن طريق نظام عصبة الأمم وما لحقه من نصوص ما بعد الحرب العالمية الأولى، ثم استخلف بميثاق الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية[33]، وبعد أن ذاقت البشرية مرارة الحرب العالمية الأولى تعالت الصيحات وتضاعفت الجهود من أجل إنشاء مؤسسة دولية تنظم علاقات الشعوب والدول وتكفل للسلام أن يعم ويسود وأن ينتهي القتال، حيث وجدت هذه الدعوات الإنسانية صدى فتنادت الأمم للاجتماع وشكلت لجنة من مندوبين على الدول الخمس العظمى في ذلك الوقت وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، انجلترا، فرنسا، اليابان وإيطاليا، وأنهت أعمالها في 13 فبراير 1919 ووضعت نظام عصبة الأمم في ميثاق دولي يعرف بعهد عصبة الأمم وكان يتألف من 26 مادة.[34]
فشل هذا النظام لا ينقص من أهميته كمبادرة أولى لها قيمتها في التطور الفكري لإنشاء نظام قانوني لحفظ الأمن وتنسيق الجهود للعيش في حالة سلم حيث ارتكز هذا النظام على تفادي الحرب العدوانية وعدم الاعتراف بالوضعيات الناجمة عنها.[35]
يسعى ميثاق عصبة الأمم إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها بث سيادة الأمن والسلم بين الدول ومنع الحروب وكذا تنشيط التعاون الدولي، وأما المبادئ التي يجب أن يلتزم بها الأعضاء ويسعون لتحقيق تلك الأهداف من خلالها فهي:
-الالتزام بعدم اللجوء إلى الحرب.
-أن تكون العلاقات الدولية مبنية على أساس العلانية والصراحة والعدل.
-أن تكون قواعد القانون الدولي هي أساس التعاون بين الدول.
-اتباع العدالة واحترام المعاهدات.[36]
لم يحرم ميثاق العصبة الحرب كلياً ولكن حرمه جزئياً فقط، مما شكل عدة ثغرات سمحت لبعض الأنظمة بانتهاج سياسات عدائية وتوسعية كانت نهايتها بعد الحرب العالمية الثانية، وفي تلك الظروف وجدت الدول أن الميثاق غير كاف لمنع اللجوء إلى الحرب، ولهذا اتفقت على عقد ميثاق باريس 1928، والذي يتكون محتواه من فقرتين نصت الأولى على أن جميع الدول يجب أن تمتنع عن اللجوء إلى الحرب كوسيلة رئيسية لحل المنازعات، أما الثانية فقد نصت على البحث عن الوسائل السلمية لحل المنازعات الدولية، وقد اكتسى هذا الميثاق أهمية خاصة لعدة أسباب نذكر منها: أن محتواه كان أكثر اتساعاً من نظام العصبة في مجال تحريم الحرب، فالعقد يحرم كل أشكال الحرب متى كانت محاولة حل خلافاتها عن طريق الوسائل السلمية لتفادي الحرب.[37]
بعد الحرب العالمية الثانية نادت الأمم مرة أخرى لإنشاء منظمة دولية تحفظ الأمن والسلم الدوليين بعد أن تمت الموافقة على جميع مواد ميثاقها البالغ عددها 111 مادة، وذلك في يونيو 1945، وبذلك يعتبر العالم بأنه قد أحرز تقدماً كبيراً بعد الحرب العالمية الثانية حيث نجد أن المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة قد حرمت اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس.[38]
دعا ميثاق الأمم المتحدة إلى تحريم العنف في العلاقات الدولية وتفادي استعمال تعبير “اللجوء إلى الحرب” هذا التحريم الشامل والكامل لكل أوجه العنف والإكراه فيما بين الدول لا يستقيم إلا إذا تم تعويضه بوسائل تسمح بحل الخلافات والنزاعات الدولية سلمياً، وفي هذا الشأن نصت الفقرة الثالثة من المادة الثانية على أنه: “يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للوطن”، والوسائل السلمية هنا المقصودة هي الآليات الدبلوماسية التي تم ذكرها سابقاً وكذا الحل السلمي عن طريق المنظمات الإقليمية أو أي وسيلة سلمية أخرى تتفق عليها الأطراف.[39]
وعن موقف القانون الدولي من استخدام القوة والتهديد باستخدامها في العلاقات الدولية فإنه ينظر إلى أن عبارة “تحريم استخدام القوة” هي أوسع من عبارة “تحريم الحرب” ذلك لأن استخدام القوة يشتمل على اللجوء إلى الحروب أو أي طريقة ووسيلة أخرى غير الحرب (أي جميع أنواع الحروب) ولذلك نجد أن ميثاق الأمم المتحدة لم يحرم الحرب فقط بل حرم استخدام القوة والذي يشمل الحرب وأية وسائل أخرى غير الحرب كما أنه لم يغفل الحق الطبيعي للدول في الحق الشرعي عن نفسها ضد العدوان، والعدوان كما عرفه بعض فقهاء القانون الدولي يجب أن يتم بواسطة قوة مسلحة ضد إقليم الدولة وإلا لا يعتبر الهجوم حالة من حالات الدفاع الشرعي.[40]
2-العلاقات الدولية وقت السلم في الإسلام:
أصبحت كلمة السلام اليوم أكثر الكلمات التي تتردد على الألسنة في المحافل الدولية وفي غيرها، وللإسلام نظرة للسلام تجعل منه نظرية إنسانية متكاملة وهي احترام النوع الإنساني لإنسانيته، كما أنه نظرية شاملة لكل الناس أفراداً وجماعات ومجتمعات إنسانية عالمية في إطار من الكرامة والمساواة والعزة وإرادة الخير وإعلاء كلمة الحق، وشاملة لأحوال الإنسان كلها فالسلام لا يعني مجرد الكف عن الحرب بأي ثمن، ولوكان هناك حرب نفسية داخل الإنسان، أو جحيم لا يطاق داخل الأسرة أو مهما يقع في الأرض من ظلم وفساد، ومهما يلحق العباد من شدة، وإنما يمتد ليشمل هذه المراحل كلها وتلك الأحوال كلها في خطوات متدرجة ومتوازنة بمنطقية، وإن الإسلام يبدأ محاولة السلام أولاً في ضمير الفرد، ثم في محيط الأسرة، ثم في وسط الجماعة، وأخيراً في المجال الدولي فهو يسير في طريق طويل يعبر فيه من سلام الضمير إلى سلام البيت إلى سلام المجتمع، إلى سلام العالم في نهاية المطاف، إذ لا سلام لعالم ضمير الفرد فيه لا يستمتع بالسلام. فالمسلمون أمة واحدة والبشرية كلها بشرية واحدة لذا فالمسلمون مكلفون بتبعات إنسانية تجاه هذه البشرية بحكم أنهم الأمة الخيرة الوسط مصداقاً لقوله تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” (سورة آل عمران، الآية 10).[41]
وقد وردت لفظة “السلم” باشتقاقات لغوية لها كثيرة في عدة مواطن من القرآن الكريم كقوله تعالى: “يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدومبين” (سورة البقرة، الآية 206)، كما تتضح الدعوة إلى السلم كذلك في قوله عز وجل: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله” (سورة الأنفال، الآية 62)، أي إن مالوا إلى السلم عن رغبة صادقة وإيمان حق، ولإبراز أهمية السلم في الإسلام يكفي أن نعرف أن لفظ الإسلام نفسه مشتق منها،كما أن السلم من أسماء الله الحسنى لقوله تعالى: “هو الله الذي لا اله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون” (سورة الحشر، الآية 23.)، ثم إنه عز وجل يدعو إلى دار السلام كما في قوله الكريم: “والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم” (سورة يونس، الآية 25) والمقصود دار الأمن والاستقرار والطمأنينة والسعادة، وإن ذهب البعض إلى تفسيرها على أنها الجنة.[42]
تتبين طبيعة علاقة الدولة الإسلامية مع غير المسلمين من خلال معرفة طبيعة دعوة الإسلام، وذلك أن الإسلام دعوة عالمية ورسالة خاتمة للرسالات السابقة، أراد الله تعالى لها أن تكون دعوة عامة موجهة للبشر جميعاً، رضيها الله للناس ديناً، فكانت هي الدين الكامل الذي أتم الله به علينا النعمة فقال سبحانه وتعالى: ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً” ( سورة المائدة الآية 3) [43]
إن علاقة المسلمين فيما بينهم في وضعها الطبيعي لا تكون محلاً لأي قواعد دولية، إذا كان للمسلمين حكومة واحدة على اعتبار أن العلاقات بين أجزاء الدولة الواحدة تخضع للقانون الداخلي والذي هو الشريعة الإسلامية في هذه الحالة، أما إذا كانت للمسلمين حكومات متعددة ذات سيادة فإن ذلك يستدعي بالضرورة قيام علاقات دولية بين الدول الإسلامية المستقلة وهذا ما حدث فعلاً، فمنذ مطلع القرن العاشر بدأ التفكك في الدول الإسلامية إذ ظهر خلفاء منافسون للخليفة العباسي في مصر الفاطمية وبلاد الأندلس والمغرب، وبدأت تظهر بوادر الانقسام الدائم للعالم الإسلامي في مطلع السادس عشر ميلادي حيث تجزأ إلى ثلاث وحدات سياسية مستقلة هي الدولة العثمانية، الدولة الإيرانية والدولة المغربية، وبالرغم من ذلك فان هذا التجزؤ كان أمراً لازماً لبقاء الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى أن هذا التجزؤ في بلاد المسلمين أدى إلى إثارة قضايا دولية غير مطروحة في نطاق الشريعة الإسلامية ولم تكن مطروحة في الفقه الدولي الإسلامي، كالقضايا المرتبطة بالسيادة الإقليمية مثل مشكلة الحدود بين البلدان الإسلامية، معاملة مواطني كل دولة إسلامية في دولة إسلامية أخرى، وتبادل الاعتراف بين الدول الإسلامية، كما أن التوسع الاستعماري الأوروبي نقل إلى بلاد المسلمين الأفكار العلمانية، وكانت النتيجة حلول المفهوم الأوروبي للإقليم وخاصة مبدأ احترام الحدود الإقليمية محل الفكرة الإسلامية العالمية التي لا تقيم وزناً للحدود بين البلاد الإسلامية.[44]
لقد شهد التاريخ الإسلامي ألواناً من التعامل مع غير المسلمين في العلاقات الدولية كانت مثلاً أعلى في الموضوعية والتجرد والإنسانية، كما كان المسلمون في تجارتهم وعهودهم أوفى الناس ذمة، وأحرصهم على الوفاء بالعهد وتنفيذ المعاهدات الخاصة والعامة، ومما يعزز موقفنا أن غير المسلمين يقدرون قيم العروبة والإسلام في السلم والحرب والعدالة وينصرون الحق العربي في الداخل والخارج، ولا تكاد تجد في أحكام التشريع الإسلامي في العلاقات الدولية ما يتنافى مع الأصول الصحيحة للحياة العزيزة الكريمة لكل الأمم والشعوب ولا ما يرفضه العقل السليم وتفتضيه المعاملة الكريمة، ولم يكن الجهاد في الإسلام لفرض الإسلام على أحد وإنما كان انتشار الإسلام بالحجة والبرهان والعقل والحكمة، لا بالسيف والإرهاب لذا فإن الدول الغربية وشعوبها يخطئون إذا ظنوا أن الإسلام والمسلمين مصدر خطر عليهم، وإنما المسلمون هم أصحاب حق في الحياة الحرة كغيرهم ولهم رسالة حضارية في العالم وليسوا أجراء بتمرير السياسة الغربية والمخططات الرأسمالية وان كان الغرب لا يريد في الواقع إلا الأتباع فقط.[45]
إن الجنوح للسلم بالرؤية الإسلامية يعني وجود حس حضاري ووعي ثقافي وإدراك للواقع ومعرفة بحقيقته دون تزييف أو اصطناع، في غير تضخيم للذات أو تحجيم للآخرين، وهو يعني كذلك الميل إلى الجانب العلمي بموضوعية، وعن الحماس المنفعل الذي لا يضبطه العقل، ثم هو بعد هذا يعني القدرة على تحمل المسؤولية في تكامل لا مجال فيه للتخلي أو الإسقاط عن الغير، وهي كلها جوانب تعني في النهاية أن الجنوح للسلم في الإسلام يرتبط بالأصالة الحضارية والثقافية وعلى مبادئ الشريعة الإسلامية.
الخاتمة:
في آخر هذه الدراسة وبمقارنة العلاقات الدولية في حالة الحرب والسلم بين المنظورين الغربي (القانون الدولي) والإسلامي نستطيع أن نستنتج ونستظهر بعض النتائج أهمها:
-يلتقي التشريع النظري في القانون الدولي في كثير من الجوانب مع التشريع الإسلامي لأن كلاً التشريعين ينطلق من وصف الحال الواقع في تأسيس الحكم.
-أسس القانون الدولي مبادئه في حفظ العلاقات الدولية نتاج التجربة البشرية، وجاءت لإرساء العدل والسلم، بينما الشريعة الإسلامية تأسست على الوعي الذي يحفظ للإنسان كرامته وينصفه دون النظر إلى جنسه أو دينه.
-العلاقات الدولية محترمة حالة الحرب كما هي تماماً حال السلم في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، ولا بد من ترسيخها بإلزام يحكمه العدل والإنصاف ولا تنفرد الدولة القومية بالرأي والتنفيذ.
-يبقى التشريع الإسلامي في السلم والحرب والعلاقات الدولية الداخلية والخارجية مثلاً واضحاً في رعاية الحقوق والقيام بالواجبات وتنفيذ العهود والالتزامات إلا أن غياب القيم الإسلامية عن الساحة الدولية كان سبب غطرسة دول الاستكبار العالمي في العصر الحاضر، وحرصها على تحقيق مكاسبها الأدبية والمادية وابتعادها عن القيم الإنسانية الصحيحة إلا في حدود الشعارات البراقة.
-إن ضرورات الحياة فرضت على المسلمين أن ينظموا علاقاتهم مع الدول غير الإسلامية كعقد المعاهدات لأغراض تجارية والتمثيل الدبلوماسي وغير ذلك من القواعد التي تستهدف العلاقات السلمية، لذلك نجد أن الفقه الإسلامي نواة لمعظم الأحكام التي تحتاجها الدول في علاقاتها الدولية وقت السلم ووقت الحرب.
-لقد شملت الشريعة الإسلامية على ضوابط وأحكام تكون نظاماً متكاملاً يحكم العلاقات الإنسانية، لم يصل القانون الدولي لمثلها إلا بعد قرون من الزمن وكان الإسلام خلاقاً لقواعد جاءت أخيراً في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، قانون البحار، قانون المعاهدات، الدبلوماسية، ومعاهدات جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب والجرحى والمدنيين.
– إذا كانت المعايير المعمول بها الآن في الوسط الدولي تعنى بالحرص على المصالح المادية والمنافع الاقتصادية فالإسلام يؤكد على ضرورة الالتزام بالحق والعدل والرحمة والفضيلة والحفاظ على صرح المدينة والحضارة، كما يطلع المسلمون على إيجاد المجتمع المثالي أو الفاضل، لأن غايتهم تنمية العلاقات الإنسانية على أساس المحبة والصدق والتعاون البناء لا على أساس الحرب والعدوان.
قائمة المراجع:
[1] جيمس دروتي، روبرت بالستغراق، النظرية المتضاربة في العلاقات الدولية، ترجمة: وليد عبد الحي، بيروت، المؤسسة الجامعية للنشر، 1985، ص 148.
[2] محمد الطاهر عديله، تطور الحقل النظري للعلاقات الدولية: دراسة في المنطلقات والأسس: أطروحة دكتوراه ،جامعة الحاج لخظر، باتنة، الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية،2041/2015 ، ص 22.
[3] نفس المرجع، ص 23.
[4] جيمس دروتي، روبرت بالستغراف، مرجع سابق، ص 151.
[5] محمد طاهر عديله، نفس المرجع السابق، ص 24.
[6] جيمس دروتي، روبرت بالستغراف، مرجع سابق، ص 193.
[7] محمد طاهر عديلة، نفس المرجع السابق، ص 26-27.
[8] وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية واحترام العهود والمواثيق في الإسلام، مجلة ثقافتنا، العدد 08 على الرابط: iranarab.com/default.asp? زيارة الموقع بتاريخ 12-07-2021.
[9] هايل عبد المولى طشطوش، مقدمة في العلاقات الدولية، الأردن: د. د. ن، 2010، ص 11.
[10] نادية محمود مصطفى وآخرون، العلاقات الدولية في الإسلام، ج1، القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996، ص 82-83.
[11]نفس المرجع، ص 84.
[12] نفس المرجع، ص ص 85-86.
[13] مساهمة الإنسان في العلاقات الدولية على الرابط: UNIVERSITYLIFSTYLE.NET ، تمت زيارة الموقع بتاريخ: 11-07-2021، على الساعة 21:56 سا.
[14] سامي إبراهيم الخزندار، المنظور الإسلامي تجاه التنظيم الدولي المعاصر: مقاربة نظرية ، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد الثالث عشر، جوان 2015، ص 5.
[15] نفس المرجع، ص 5.
[16] نفس المرجع، ص 6.
[17] تيسير خميس العمر، ضمانات العلاقات السياسية حال الحرب في الفقه الإسلامي والقانون الدولي، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للنبات بالزقازيق، العدد 09، د. س. ن، ص ص 1725-1726.
[18] هايل عبد المولى طشطوش، نفس المرجع السابق، ص ص 102-103.
[19] عبد القادر نعناع، العلاقة التبادلية بين القوة والحرب في النظام الدولي، لندن: مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث، 2015، ص 11.
[20] هايل عبد المولى طشطوش، نفس المرجع السابق، ص 107.
[21] وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية في الإسلام: مقارنة بالقانون الدولي الحديث، سوريا، دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع، 2000، ص 25.
[22] عثمان جمعة ضميرية، العلاقات الدولية في الإسلام: مقارنة بالقانون الدولي الحديث، الإمارات العربية المتحدة (الشارقة): إصدار كلية الدراسات العليا والبحث العلمي، 2007، ص ص 129-130.
[23] تيسير خميس العمر، نفس المرجع السابق، ص 1724.
[24] عثمان جمعة ضميرية، نفس المرجع السابق، ص 132-133.
[25] تيسير خميس العمر، نفس المرجع السابق، ص 1725.
[26] وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية في الإسلام: مقارنة بالقانون الدولي الحديث، نفس المرجع السابق، ص 07.
[27] فايز صالح اللهيبي، العلاقات الدولية في وقت الحرب في الفكر الإسلامي، مجلة كلية العلوم الإسلامية، جامعة الموصل، المجلد السابع، العدد (14/2)، 2013، ص ص 16-17.
[28] وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية في الإسلام: مقارنة بالقانون الدولي الحديث، نفس المرجع السابق، ص 26.
[29] عثمان جمعة ضميرية، نفس المرجع السابق، 134.
[30] الأرقم الزعبي، ميزان السلم والحرب: دراسة مقارنة لمفهوم السلم والحرب في التاريخ والأديان ووثائق الأمم، دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب، 2020، ص 327 على الرابط http//newsformy.com/news.405287.html.، تمت الزيارة بتاريخ: 25/06/2021 على الساعة 23:05.
[31] زايد عبيد اله مصباح، الدبلوماسية، ليبيا: دار الرواد، 1999، ص 27.
[32] عاطف فهد المعاربز، الحصانة الدبلوماسية بين النظرية والتطبيق، الأردن: دار الثقافة، 2009، ص 28.
[33] محمد بوسلطان، من حفظ السلم عن طريق النصوص القانونية إلى ثقافة السلم، إنسانيات، المجلة الجزائرية للأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية، ص ص 109-120، على الرابط journals.openedition.org/insaniyat.8099، تمت الزيارة بتاريخ: 25/06/2021، على الساعة 23:15.
[34] هايل عبد المولى طشوش، نفس المرجع السابق، ص ص 107-108.
[35] محمود سلطان، نفس المرجع السابق، ص ص 109-120.
[36] هايل عبد المولى طشطوش، نفس المرجع، ص 108.
[37] محمد بوسلطان، نفس المرجع السابق.
[38] هايل عبد المولى طشطوش، نفس المرجع السابق، ص 109.
[39] محمد بوسلطان، نفس المرجع السابق.
[40] هايل عبد المولى طشطوش، نفس المرجع السابق، ص ص 110-111.
[41] عثمان جمعة ضميرية، نفس المرجع السابق، ص 69.
[42] عباس الجراري، معادلة السلم والحرب في الإسلام ،على الموقع: www.abbesjirari.com/mouadalatassilm.htm.تمت زيارة الموقع بتاريخ: 25/06/2021 على الساعة 23:16.
[43] عثمان جمعة ضميرية، نفس المرجع السابق، ص 70.
[44] مساهمة الإسلام في العلاقات الدولية، نفس المرجع السابق.
[45] وهبة الزحيلي، العلاقات الدولية في الإسلام: مقارنة بالقانون الدولي الحديث، نفس المرجع السابق، ص ص 32-33.