بروفيسور «مونتاناري»: الجنون الرأسمالي، والكذبة الكُبرى التي ابتلعناها جميعًا!
د: صلاح عثمان.
أستاذ المنطق وفلسفة العلم – رئيس قسم الفلسفة
كلية الآداب – جامعة المنوفية – مصر
salah.mohamed@art.menofia.edu.eg
فيروس كورونا يتحور ويتغير بشكلٍ تعجز العقول والعلوم والسياسات عن استيعابه ومواكبته، وتعجز كذلك مراكز البحوث عن التوصل إلى لقاح مضادٍ له، ويبدو أن ثمة أمرًا غامضًا لا نعرفه إزاء السياسات الاقتصادية المرتبطة بالمرض، فهل ثمة دلائل جديدة على نظرية المؤامرة، ولو بشكلٍ آخر مختلف عن الزعم بتخليق الفيروس معمليًا؟
كورونا والأنظمة الصحية العالمية:
هذا ما يؤكده البروفيسور «ستيفانو مونتاناري» Stefano Montanari، أستاذ أمراض النانو Nano-pathologist بمركز «ستيليورا» في جنيف Steliora Centre in Geneva، وصاحب العديد من براءات الاختراع في مجالات جراحة القلب، وجراحة الأوعية الدموية، وأمراض الرئة، والمصمم لأنظمة ومعدات الفسيولوجيا الكهربية، ومدير المختبر العلمي لأمراض النانو Nanopathology في «مودينا» Modena بشمال إيطاليا. ففي حديثه لقناة «بايو بلو 24» byoblu24 الإيطالية يقول «مونتاناري»: لقد فعلت حكوماتنا كل شيء على مدى السنوات العشر الماضية لتدمير الطب الإيطالي؛ تم إغلاق مستشفيات وإدارات طبية بأكملها وفصل العاملين بها، وعندما أسمع أن لدينا في إيطاليا أفضل علاج في العالم تغمرني الدهشة، لأن هذا غير صحيح بالمرة! لقد تم تخفيض الأجهزة والمعدات الطبية إلى الحد الأدنى، وتم اقتطاع الميزانية المُخصصة للطب بلا رحمة، ناهيك عن الفساد الهائل. الواقع أن ما يتكلف علاجه في أي بلد 10 يورو، يتكلف في إيطاليا 20 يورو، والميزانية تُبدد بشكلٍ غير لائق. لقد اشتروا – على سبيل المثال – لسبب ما، 27 مليون جرعة من لقاح أنفلونزا الخنازير، ثم قاموا بالتخلص منها، وفي المقابل لم تكن ثمة أموال متاحة لشراء أجهزة التهوية! المشكلة ليست في الفيروس ذاته، نعم يوجد فيروس، وجديد تمامًا، وما زلت لا أستطيع الجزم بما إذا كانوا قد أنتجوه في المختبر، أو أنه جاء من الخفافيش أو من مكان آخر، لكني أستطيع التأكيد على أنه فيروس جديد وشاب، يتحور بسرعة كونية هائلة. بالأمس كان فيروسًا، وغدًا تجده فيروسًا آخر، والفيروس الموجود في إيطاليا ليس الفيروس الموجود في الصين؛ لديه أيضًا قدرة على الانتشار والعدوى بشكلٍ لا يُصدق، لكنه لا يُمثل أية خطورة على الأصحاء، ووفقًا لافتراضاتي، إذا أجرينا اختبارات لجميع مواطني إيطاليا، فسوف نجد أن نصف السكان على الأقل قد أصيبوا بالفعل بالعدوى!
كل هذا يدفعني إلى القول إن أي حديث عن لقاحٍ له في ظل هذه الظروف هو محض احتيال عالمي، فالفيروس يتحول بسرعة رهيبة لا تتيح لنا تتبعه، ولا يمكن وجود تطعيم لهذا النوع من الفيروسات. قد يخترعون لك تطعيمًا، لكنك حتى مع التطعيم يُمكن أن تُصاب به مائتي مرة! ولو أنني أخبرت مشرفي الأكاديمي قبل خمسين عامًا حول إمكانية وجود تطعيم ضد الفيروسات التاجية، لطردني على الفور! إن لقاحات السارس التي يتحدثون عنها فكرة رائعة وكاذبة تمامًا للحكومات وشركات الأدوية، وأنا على يقين من أنها ستنتهي بإلزام الجميع بالتطعيم جبريًا من قبل الحكومات، لا لشيء سوى لجنى المليارات من الأرباح والعمولات!
رؤية للواقع: حركةالاقتصاد |
الآن كل شيء مغلق، فقط البورصة وحدها تعمل، ويمكن لأصحاب الملايين شراء الأسهم بأسعار منخفضة للغاية، وعندما يتم إعطاء الإشارة لهم سيتحولون فجأة إلى أصحاب ثروات ضخمة، سيصبح أصحاب الملايين من أصحاب المليارات، وسيصبح الأغنياء أكثر غنى، وستصبح الطبقة الوسطى أكثر فقرًا! أعتقد أن كل شيء تم ترتيبه لذلك، ومن أجل أرباح مستقبلية تقدر بالمليارات من لقاح مزعوم رائع، من فيروس لا يمكن أن يكون هناك مناعة منه، ولا لقاح له! |
ما ألاحظه الآن هو نوع من تأليه الجنون الرأسمالي؛ لماذا القفازات المطاطية؟ لماذا هذه الأقنعة؟ القفازات لها تأثير مدمر على الحاجز الواقي الطبيعي للبشرة، نحن لدينا بشرة ذكية للغاية، والأقنعة بشكل عام تُثير السخرية والدهشة لدى أي مُتخصص، فهي مثل وضع سياج من العصي ضد البعوض. هناك مليارات من الفيروسات تُحيط بنا، وإذا كان ثمة فيروس تاجي بالقرب منك، فلن يحميك القناع على الإطلاق، وإذا كان الشخص مريضًا، فعليه تغيير هذا القناع كل دقيقتين أو ثلاث دقائق، بخلاف ذلك لا معنى للقناع!
كورونا ما بين نظرية المؤامرة وحركة الاقتصاد:
ثمة نقطة أخيرة ومهمة ليست في اختصاصي، أعني حركة الاقتصاد: الآن كل شيء مغلق، فقط البورصة وحدها تعمل، ويمكن لأصحاب الملايين شراء الأسهم بأسعار منخفضة للغاية، وعندما يتم إعطاء الإشارة لهم سيتحولون فجأة إلى أصحاب ثروات ضخمة، سيصبح أصحاب الملايين من أصحاب المليارات، وسيصبح الأغنياء أكثر غنى، وستصبح الطبقة الوسطى أكثر فقرًا! أعتقد أن كل شيء تم ترتيبه لذلك، ومن أجل أرباح مستقبلية تقدر بالمليارات من لقاح مزعوم رائع، من فيروس لا يمكن أن يكون هناك مناعة منه، ولا لقاح له!
هذا ما يؤكده أيضًا البروفيسور ديفيد نابارو David Nabarro، أستاذ الصحة العالمية بالكلية الملكية بلندن، إذ صرَّح لصحيفة ديلي ميل البريطانية يوم 19 أبريل 2020 بأن على العالم أن يتكيف مع تهديد فيروس كورونا في المستقبل المنظور، فلا يوجد ضمان للقاح ناجح قريبًا! ويعني التكيف مع المرض استمرار عزل أولئك الذين تظهر عليهم أعراض المرض، وحماية كبار السن، وتجهيز المشافي بشكلٍ مستمر لاستقبال الحالات الجديدة.
نظرية المؤامرة اتخذت أنماطًا وأبعادًا خطيرة خلال الفترة الأخيرة، حيث تم توجيه أصابع الاتهام في نشر الفيروس لتقنية الجيل الخامس للاتصالات الخلوية السريعة 5G، بحجة أن موجات الراديو التي ترسلها أبراج الهواتف المحمولة تُسبب تغييرات دقيقة في أجسام الناس تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس والاستسلام له حتى الموت، وهو ما نتج عنه كثرةً من أعمال التخريب والحرق لهذه الأبراج في أوربا. كذلك أصبح «بيل جيتس» (مؤسس شركة ميكروسوفت) من أكثر الشخصيات العامة استهدافًا بنظرية المؤامرة، لاسيما بعد أن أعلنت زوجته أنه قام بتخزين المواد الغذائية في قبو بمنزله، وتم ربط تصريحاته حول خطورة المرض بفيديو بثه سنة 2015، حذر فيه من أن البشرية ستواجه فيروسًا مُعديًا أكثر خطورة من الحرب النووية، ما يعني وفقًا لأصحاب نظرية المؤامرة أنه كان على علمٍ مُسبق بالحدث!
الخلاصة والعبرة:
لا شك أن نظريات المؤامرة تسود وتتكاثر وتكتسب القوة في أوقات الأزمات، لكني أعتقد أن سببها الأول هو عدم الثقة في السياسيين والاقتصاديين، وحتى بعض العلماء، الذين يتصدرون المشهد في كل أزمة. إن انعدام التفسير المُقنع يدفع الناس إلى تصديق أن ثمة من يديرون العالم من الغُرف المغلقة بُغية تضخيم مكاسبهم وتأكيد هيمنتهم المُطلقة. ومع ذلك، لئن كان الخضوع التام لنظرية المؤامرة استلابًا مرضيًا، فإن استبعادها بلا شك بلادةٌ عقلية قد تؤدي إلى الهلاك، وعلينا أن نُدرك جيدًا أن الأنظمة مُتهمة في أوقات الأزمات حتى تثبت لها البراءة، أو يتغير العالم وفقًا لأهدافها!
غدًا تتجلى الحقائق، أيًا كان ثمنها، وستُعلن الكذبة الكبرى عن كذبها أو صدقها، أيًا كانت المفارقة المنطقية!
مركز المجدد للبحوث والدراسات.