الحدث العالمي كورونا – وارتفع صوت الأذان.
د: عادل الحمد – الأمين المساعد لرابطة علماء المسلمين.
انتشرت مقاطع فيديو لرفع الأذان في أكثر من بلد أوروبي، وخصصت بعض القنوات الأوربية ساعات معينة لبث القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ويهودي يرتفع في محله التجاري صوت القرآن، وفرحة تعم المسلمين في بعض شوارع أوروبا وهم يسمعون صوت الأذان خارج المسجد لأول مرة.
كل هذا بسبب وباء (كورونا)، “فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا“ [النساء: 19]، ” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ“ [البقرة: 216]
وهيأ الله الأسباب للمسلمين لدعوة الكافرين، كل من موقعه، ومن بلده، وبطريقته، إنقاذا لهم من الجحيم؛ جحيم العذاب النفسي في الدنيا، وجحيم النار يوم القيامة. “وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ“ [الأنبياء: 105 – 108].
ارتفع صوت الأذان، ليعلم الناس حقيقة قوله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ“ [التوبة: 33].
إضاءة وعبرة:
دين عظيم- دلائل من هدي النبوة |
دين أنزله الله ليعلو على الدين كله، فلا يعلى عليه، دين أنزله الله ليظهره على الدين كله، فلا يستطيع أحد طمس نوره كائنا من كان. عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:“إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا”. (رواه مسلم). وعن تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلامَ وَذُلا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ”. (رواه أحمد) |
الخلاصة والعبرة:
وفي اللحظة التي خاف فيها الدعاة والمصلحون من تحقق حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي قال فيه: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ»،( رواه البخاري)، من كثرة ما شاهدوا من المنكرات في مجتمعاتهم، جاء هذا الوباء ليطمئن الله به قلوبهم بارتفاع صوت الأذان في أوروبا.
- ارتفع صوت الأذان، ليعلم الناس أن مدبر الأمر هو الله جل في علاه، وليست الدول العظمي، قال تعالى: “قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ” [يونس: 31، 32]
- ارتفع صوت الأذان، ليعلم الناس أن هذا الدين منصور لا محالة، فمن نصر هذا الدين نال الشرف العظيم، ومن تخلف، سارت قافلة الدعوة ولم تلتفت إليه. “إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” [التوبة: 40]
- ارتفع صوت الأذان، ليعلم الناس أن إضاعة الوقت في معرفة سبب انتشار وباء (كورونا) لا يضيف لنا شيئا، والسعيد من استثمر الحدث في العودة إلى الله، والدعوة إليه، ونصرة دينه. قال تعالى: “الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ” [الروم: 1 – 7]
- ارتفع صوت الأذان، ليعلم الناس أن المكر الكُبَّار الذي يحاك ضد هذا الدين، من الكفار والمنافقين، يقابله الله بمكر يمحقهم به، قال تعالى: “إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا” [الطارق: 15 – 17]
- ارتفع صوت الأذان، ليعلم الناس أن العصابة التي تسعى لنشر الفساد في الأرض، وتمكر بالدعاة والمصلحين؛ قتلا وتشريدا، لا يفلح سعيها، “وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ” [النمل: 48 – 53]- “وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ” [الأنفال: 30]
- ارتفع صوت الأذان في أوروبا يشنف الآذان، ويقول:
الله أكبر، الله أكبر،
أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن محمد رسول الله
حي على الصلاة
حي على الفلاح
الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله
- ارتفع صوت الأذان في أوروبا، ولم يقل: صلوا في بيوتكم، بل قال: حي على الصلاة، حي على الفلاح فَعَلَت البسمة على الشفاه، وتناقل الناس الأخبار، فرحين مسرورين، وتلك عاجل بشرى المؤمنين، والحمد لله رب العالمين.
د / عادل الحمد – 13 شعبان 1441 هـ
مركز المجدد للبحوث والدراسات.