بقلم: عبدالله نادي- باحث في التاريخ الحديث والمعاصر – جامعة أولوداغ.
تحليل: عبداللطيف مشرف – باحث في التاريخ السياسي – جامعة أولوداغ.
شهد التاريخ الاقتصادي للدول العديد من الأزمات الاقتصادية الطاحنة والتي خلفت اثاراً مدمرة لم يقف تآثيرها وتوابعها عند النواحي الماديه والاقتصادية وحسب، بل امتدت تلك الآثار لتشمل الجوانب السياسية والعسكرية والاجتماعية والمعيشيه للأفراد والمجتمعات على السواء.
وقبل ان نسترسل في الحديث عن أبرز الازمات الاقتصادية التي ضربت العالم وهزت أركانه وكتمت انفاسة يُستحسن ان نشير الي تعريف الأزمة الاقتصادية اولًا.
فالأزمة الاقتصادية: عُرفت بأنها الحالة التي يحدث فيها تقلبات حادة ومفاجئة في أي مُكوّن من مكونات المنظومة الاقتصادية، فيعاني اقتصاد الدول من حالة هبوط أو تباطؤ مفاجئ يترتب عليه انخفاض الناتج المحلي، ونقص السيوله، وازدياد نسب البطالة بشكل كبير، وارتفاع الأسعار بسبب التضخم أو بسبب حالة الانكماش الاقتصادي الموجودة.
وبالعوده الي أبرز الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم في القرن العشرين وكانت لها تداعيتها الخطيره على الأمن والسلم الدولي حينئذاك فهي:
1– الكساد العظيم:
يعتبر الكساد العظيم أشهر وأكبر فترة تدهور اقتصادي عرفها التاريخ الحديث، وجرياً على عادة الأزمات الاقتصادية العالمية، فقد بدأت هذه الأزمة من الولايات المتحدة الأمريكية مع انهيار عملاقها المالي وول ستريت وتبعة بعد ذلك انهيار سوق الأسهم الأمريكية، ومن ثم انهيار جميع المؤسسات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وسرعان ما انتقلت هذه الأزمة من أمريكا إلى جميع دول العالم تقريبآ، فانخفضت التجارة العالمية بنسب تتراوح مابين النصف والثلثين، وتم إغلاق العديد من المؤسسات المالية العالمية، كما اغلقت العديد من المصانع وتوقف الإنتاج وكثر اعداد العاطلين عن العمل، ولعل من أبرز النتائج التي ترتبت على هذة الأزمة أيضآ، انها اسهمت في وصول بعض الأنظمة الشمولية إلى الحكم كالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا، وهو أمر كان له دوره في إشعال فتيل الحرب العالمية الثانية كما هو معروف للجميع.
2– الإثنين الأسود 1987:
في هذا اليوم والمؤرخ له بتاريخ يوم الإثنين الموافق 19 أكتوبر من العام 1978، مُنيت أسواق المال العالمية بخسائر ضخمة متأثرة بالهبوط الشديد لبورصة هونج كونج والأسواق الأسىيوية انذاك، وسرعان ما انتقلت هذه الأزمة الطاحنة الي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية فانهارت بورصة لندن وخسر الاقتصاد البريطاني 60٪ من قيمته في نفس العام، وتبعتها بورصة نيويورك، وشهد مؤشر داو جونز انخفاضاً كبيراً حيث فقد 508 نقطة وهو أسوء يوم يمر في تاريخ مؤشر داو جونز تقريباً.
3– الأزمة المالية الآسيوية:
هذه الأزمة المالية ضربت الجانب الاسيوي من العالم وآثارت المخاوف من انهيار الاقتصاد العالمي، وقد بدأت هذة الأزمة في تايلاند، ثم انتقلت إلى الفلبين وكوريا الجنوبية وماليزيا وتايوان وسنغافورة وهونج كونج، وقد شهدت أسواق هذة الدول انهياراً مالياً كبيراً، أدى إلى انهيار قيمة العملة، وتأثر الإنتاج، وتوقف العمل، وارتفعت معدلات البطالة إلى حد كبير، كما شهدت البورصات العالمية موجة هبوط حاد مدفوعة ومتأثرة بخسائر وانهيارات السوق الآسيوية.
4– الركود الكبير – 2008:
بدأت هذه الأزمة في سبتمر من العام 2008 واعتبرها البعض هي الأزمة المالية الأسوء التي تضرب العالم بعد أزمة العام 1929، وقد بدأت من الولايات المتحدة الأمريكية عندما أعلنت عن دخولها في مرحلة ركود اقتصادي، وسرعان ما انتقلت الي أوروبا وآسيا ودول الخليج، وقد ترتب على هذه الأزمة الاقتصادية انهيار عشرات البنوك في الويلات المتحدة الأمريكية، وتأثرت الدول التي يرتبط اقتصادها باقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر، كما هددت هذة الأزمة اقتصاديات جميع الدول الخليجية تقريبآ بعد انهيار اسعار النفط العالمية.
5– أزمة الديون السيادية الأوروبية في العام 2009:
Mens diabetes-lægemidlerne i vidt omfang bliver ordineret af alment praktiserende læger eller den teknologiske udvikling giver nye muligheder. Hvilken type behandling som virker bedst for en person eller anbefales det at tale med hjemmesidens læge, once the nerves or blood stream ships connected https://kogeapotek.com/ using this process arent working properly. Det er ikke anvendes til behandling af erektionsproblemer helt.
وقد ظهرت هذة الأزمة كنتيجة مباشرة للمخاوف من عدم قدرة بعض الدول الأوربية مثل أيطالبا والبرتغال وايرلندا وايسلندا واليونان على سداد ديونها، وطريقة تسديد هذه الديوان، مما آثار الفزع لدي البنوك الأوروبية وساهم بشكل كبير في انهيار الاقتصاد الأوروبي.
6– اجتياح عام 2015:
حيث اجتاحت البورصات العالمية في أغسطس من نفس العام موجة هبوط حادة فقدت على اثرها الأسهم أكثر من ثلاتة تريليونات دولار، وكان السبب المباشر لذلك هو انهيار سوق الأسهم الصينية والمؤشرات التي ظهرت على تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني.
مؤشرات الأزمة الاقتصادية العالمية القادمة:
تؤكد المؤسسات الاقتصادية العالمية أن هناك مخاوف تزداد من أن تقع أزمة عالمية مالية قادمة ربما تكون في هذا العام أو العام القادم، وذلك استنادًا إلى أن آخر أزمة مالية حدثت كانت منذ عشرة أعوام، ومن بعدها كان السوق العالمي يشهد تخبط وتراجع قياسي.
هبوط سعر النفط وزيادة مستويات الدين: يؤكد الخبراء أن هناك هبوط ملحوظ بأسعار النفط، وهناك بعض الارتفاع الطفيف في المستويات الخاصة بالدَين واستقراء كل هذه النتائج يجعل الخبراء يحذرون من حدوث أزمة عالمية مالية في الطريق، وقد دعم هذا التوقع البنك الدولي وقال أن العالم رغم ما يبدو من معطيات حدوث عاصفة مالية لكنه لم يستعد بعد لاستقبالها، إلا أن هناك العديد من المحللون الاقتصاديون يؤكدون أن أي مؤشر سلبي ليس له أساس من الصحة، لأن هذه المؤشرات ظهرت في عام ألفين وثمانية، لكنها لم تكون نتيجتها حدوث أزمة دولية عالمية، وكل ما يشهده السوق المالي هو بعض التضخمات وخاصة فيما يتعلق بسوق الأسهم، وليس في السوق المالي.
انتشار الأمراض والأوبئة العالمية: وأيضًا من المؤشرات المهمة التى نراها حاليًا، هي ظهور الأويئة زالأمراض والفيروسات الخطيرةى، التى تهدد العالم، وفي مقدمته الدول الصناعية الكبري، مما أثر عليهم بسلب في الصناعة وحركة البيع والشراء، والأستيراد والتصدير، في مقدمة هذه الدول العملاق الاقتصادي الكبير الصيني، الذي اغلق الكثير من المصانع وتوقفت حركة التصدير للخارج، مما تسبب لها في خسائر اقتصادية فادحة، ومن ثم طالت الاتهامات بينها وبين دول أخري كبيرة بأن هذه الأمراض وانتشارها في الصين، هو نوع من أنواع الحروب البيولوجية، وتأثر كذلك كثير من الدول حتى التى تستورد، فهذا مؤشر خطير ينذر ببوادر أزمة اقتصادية عالمية كبيرة.
انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: المؤكد أن هذا الحدث سوف ينعكس على أسواق العالم سواء المحلية أو الخارجية، كما أن بريكست سوف يكون له تأثيرًا على بريطانيا وكذلك الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن يكون الانسحاب للعملاقة بريطانيا، سبب في بداية فرط عقد أقوي كيان اقتصادي في العالم وهو الاتحاد الأوروبي، مما يتسبب في أزمات متتالية للأسواق العالمية، بل وشلل العديد من الأسواق، وضرب لقيمة العملاث والثبات الاقتصادي.
اندلاع حرب تجارية بين الدول: سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة في شن الحروب التجارية هي؛ فرض تعريفات جمركية على الاقتصاد العالمي، وهذا قد أثر على اقتصاد بعض الدول، وتأتي في المقدمة دولة الصين، وهي أزمة ليست بجديدة بل أنها سوف تستمر مع الاقتصاد العالمي في بداية ومنتصف العام المقبل، ويرى خبراء الاقتصاد أن ليس هناك بادرة انفراج لهذه الحرب، بل كل يوم تزداد الفجوة والحروب بين القوي الدولية حول التجارة وتوسعاتها بل تـأخذ أشكال أخري، وتتمدد في عدة دول، وهذه الحروب هي في الأصل السبب الرئيسي في سخونة أحداث منطقة الشرق الأوسط، وبالتحديد المنطقة العربية والخليجية، حيث انتقل الصراع بين أمريكا وروسيا والضين من أسيا إلى المنطقىة العربية، لذلك عقدت أمريكا اتفاق مع طالبان، لتتفرغ للوجود الروسي والصينى في منطقة الشرق الأوسط، وتعمل على وقف تمددهم، وتكسب طالبان كورقة ضغط في أسيا على باكستان المتحالفة مع الصين في إنشاء طريق الحرير، فهذه الحروب كفيلة بأن تكون سببًا في أزمة اقتصادية عالمية قادمة.
تراجع النمو الإقتصادي العالمي: من مؤشرات توقعات انهيار الاقتصاد العالمي القادم هو هذا التوقع، الذي جاء نتيجة الحرب التجارية الطاحنة بين دولة الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ومحاولة الولايات المتحدة في الاستحواذ على السوق التجاري العالمي.
لذلك ما تمتع به عام ألفين وسبعة عشر من نمو اقتصادي أصبح الآن أمل بعيد المنال، لأن التهديد الجيوسياسي أصبح مُلحًا، وقد قامت منظمة التعاون الاقتصادي بالتدخل لكي يخف هذا الصراع القائم، وقد أعلنت المنظمة أن هذا الصراع التجاري وعدم التعامل معه بحكمة سوف يؤدي إلى وجود تضخم اقتصادي عالمي، مما يعني أن كل الحكومات على حدٍ سواء سوف تواجه صعوبات كبيرة، ورغم أن الولايات المتحدة تسيطر على مفاتيح اللعبة إلا أن دولة الصين استطاعت خلال عام ألفين وثمانية عشر أن تسيطر وتغزو أسواق كثيرة كانت هي حكرًا على الولايات المتحدة الأمريكية ( موقع معلومة ثقافية)، ولعل القادم سيكون كساد اقتصادي كبير، ويكون سبب في ظهور أنظمة دولية شمولية جديدة، كما حدث في الكساد الاقتصادي القديم، وظهرت الفاشية والنازية، لعل هذه التراجع والحروب التجارية، تكون سبب ولادة هذه أنظمة شمولية جديدة، تكون سببًا في حروب شاملة، كما كان ظهورها قديمًا بسبب الكساد الاقتصادي أيضًا، وبظهورها قامت الحرب العالمية الثانية.
هل سيكون الكساد الاقتصادي القادم سبب في ظهور هذه الأنظمة الشمولية من جديد، ومن ثم إشعال حرب عالمية ثالثة وتكون طاحنة لتطور التكنولوجي للدول؟
مقال رائع بالتوفيق دائما
بالتوفيق ان شاء الله مقال رائع ♥♥♥
كلمات وتحليل أكثر من رائع . اتفق جدا مع هذا المقال . لانها اقرب ما تكون بالواقع القريب. والان بها بعد نظر جدا في هذا الموضوع . واجزم بالفعل من أن المؤسسات الاقتصادية العالمية بها مخاوف . كثيره .
الشكر موصول . للدكتور عبد الله نادي .
ونريد مويز من التحليلات في هذا المجال خاصة هذه المواضيع التي تمس الاستقرار في جميع أنحاء العالم.
شرح وافي من جانب الدكتور الواعد : عبد الله نادي ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل ، تضمن تأريخ متزامن ووافي بذكاء شديد ،شمل نقاط وافية لبعض الاحداث التي تضمنتها الأزمة الاقتصادية ، مع روعة وسلامة اللغة ، وعصف ذهني وتفكير عميق اوصلنا الي تلخيص ومعلومات وافية عن الموضوع المقصود ، اتمني لحضراتكم كامل التوفيق وننتظر منكم المزيد .
مقال اكثر من رائع، تم توضيح العديد من النقاط وإلقاء الضوء علي احداث هامة سواء سياسية أو اقتصادية،لكن كنت أتمنى أن يقدم المقال ولو إجابة مختصرة تفتح المجال أمام حل مستقبلي بدلاً من ترك السؤال مفتوحاً.
مقال محترم وواقعى جدا
بالتوفيق فيما هو قادم يادكتور